للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبي؟!»، فما أُوذِيَ بعدَها (١)، فخَصَّه باسم الصُّحبةِ كما خَصَّه به القرآنُ مِن قولِه: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن}، وقال: «إن أمَنَّ الناسِ عليَّ في صحبتِه وذاتِ يدِه: أبو بكرٍ، ولو كنتُ متخِذًا من أهلِ الأرضِ خليلًا؛ لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلًا؛ ولكنَّ صاحِبَكم خليلُ اللهِ، لا تبقَيَنَّ في المسجدِ خَوخةٌ إلا سُدَّتْ؛ إلا خَوخةَ أبي بكرٍ» (٢)، وهذا حديثٌ من أصحِّ حديثٍ يكونُ باتِّفاقِ أهلِ الخبرة.

فعمومُ الصحبةِ يندرجُ فيه كلُّ مَن رآه مؤمنًا به، ولهذا يقالُ: صحِبتُه سنةً، وشهرًا، وساعةً.

ومعاويةُ وعمرو (٣) هم من المؤمنينَ، لم يتَّهِمْهم أحدٌ من السَّلَفِ بنفاقٍ؛ بل ثبَتَ في الصحيحِ أن عمرَو بنَ العاصِ لما بايَعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: على أن يُغفَرَ لي ما تقدَّم من ذنبي، فقال: «يا عمرُو، أما علِمتَ أن الإسلامَ يهدِمُ ما قبلَه، والهجرةَ تهدِمُ ما قبلَها، والحجَّ يهدِمُ ما كان قبلَه» (٤)، والإسلامُ الهادمُ: هو إسلامُ المؤمنينَ.

وأيضًا فعمرٌو وأمثالُه ممن قدِم مهاجرًا بعدَ الحُدَيْبيةِ؛ هاجروا من بلادِهم طَوْعًا، والمهاجرونَ لم يكُنْ فيهم منافقٌ، وإنما كان النفاقُ في بعضِ الأنصارِ، وذلك لأن الأنصارَ هم أهلُ المدينةِ، فلما أسلَمَ


(١) رواه البخاري (٣٦٦١)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٤٦٧)، ومسلم (٣٩٠٤)، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
(٣) في (الأصل): (عمر)، والمثبت من (ك)، ومجموع الفتاوى.
(٤) رواه مسلم (١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>