إلى قولِه:{وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}، فهذه القصةُ تدلُّ من وجوهٍ أنه إسماعيلُ:
أحدُها: أنَّ البشارةَ بالذبيحِ، وذَكَر قصته وفداءه، فلما استوفى ذلك قال:{وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق}، فهما بشارتانِ: بِشارةٌ بالذبيحِ، وبِشارةٌ بابنِه إسحاقَ، وهذا بيِّنٌ.
الوجهَ الثاني: أنه لم يذكرْ قصةَ الذبيحِ إلا في هذه السورةِ، وفي سائرِ المواضعِ يذكرُ البشارةَ بإسحاقَ خاصةً، كما قال في سورةِ هودٍ:{وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}، وقال:{فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم}، وقال في الحِجْرِ:{قالوا إنا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون}، ولم يذكرْ معَ البشارةِ بإسحاقَ أنه ذبيحٌ، معَ تعددِ المواضعِ، فإذا كان قد ذكر البشارةَ بإسحاقَ وحدَه غيرَ مرةٍ، ولم يذكرِ الذبيحَ، ثم ذكر البِشارتينِ جميعًا: البشارةَ بالذبيحِ والبشارةَ بإسحاقَ بعدَه؛ كان هذا من أبينِ الأدلةِ على أن إسحاقَ ليس هو الذبيحَ.
يؤيدُ ذلك: أنه ذكَر هِبتَه وهبةَ يعقوبَ لإبراهيمَ بقولِه: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين}، وقوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وآتيناه أجره