للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أصلٌ.

والأصلُ الثاني: أن الحَلِفَ بالحرامِ هل هو بمنزلةِ إيقاعِه؟

ذهب كثيرٌ من الفقهاءِ: إلى أنه لا فرقَ بينَهما، كما قالوه في الحلِفِ بالطلاقِ والعِتاقِ.

وذهب طائفةٌ: إلى أن الحلِفَ به ليس كالإنشاءِ، كما لو حلَف بالنَّذْرِ؛ مثلُ: إن فعلتُ كذا فمالي صدقةٌ؛ فإن مذهَبَ الشافعيِّ وأحمدَ وروايةً عن أبي حنيفةَ: أنه تجزئُه كفارةُ يمينٍ، كما أفتى بذلك الصحابةُ والتابعونَ؛ مثلُ: عمرَ، وحَفْصةَ، وزينبَ رَبِيبةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (١)، وتُسمَّى هذه مسألةَ نذرِ اللَّجاجِ والغضبِ.

فإذا قال: إن فعلتُ كذا فامرأتي حرامٌ، أو: مالي حرامٌ؛ فقد حرَّم على نفْسِه ما لم يحرَّمْ عليه ليمتنعَ من ذلك الفعلِ، كما أنه في النَّذْرِ أوجبَ على نفْسِه ما لم يوجِبْه اللهُ عليه ليمتنعَ من ذلك الفعلِ، والإيجابُ والتحريمُ إلى الشارعِ لا إلى العبدِ، وهو لم يقصِدْ لا إيجابًا ولا تحريمًا، إنما قصد منعَ نفْسِه من ذلك الفعلِ، واللهُ قد جعَل عليه الكفارةَ إذا حَنِث بقولِه: {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم}، فشرَع الكفارةَ إزالةً للآصارِ والأغلالِ عن هذه الأمةِ، بخلافِ مَن قَبْلَها إنما كان يلزمُهم الوفاءُ أو الندم (٢).


(١) رواه عبد الرزاق (١٦٠٠٠)، والدارقطني (٤٣٣١).
(٢) قوله: (أو الندم)، هو في (ك): (أو لزوم الحنث)، وفي (ع): والالتزام الحنث.

<<  <  ج: ص:  >  >>