للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانيةُ: درجةُ السابقينَ المُقرَّبِينَ، وهم الذينَ يؤدونَ الفرائضَ والنوافلَ، ويتركونَ المحارمَ والمكارهَ، وإن كان لا بدَّ لكلِّ عبدٍ من توبةٍ واستغفارٍ يكملُ بذلك مقامُه.

فمن كان عالمًا بما أمَره اللهُ به وما نهاه عنه، عاملًا بموجَبِ ذلك؛ كان من أولياءِ اللهِ؛ سواءٌ كانت لِبْستُه في الظاهرِ لِبْسةَ العلماءِ، أو الفقراءِ، أو الجندِ، أو التجارِ الصُّنَّاعِ، أو الفلاحينَ؛ لكن إن كان معَ ذلك متقربًا إلى اللهِ بالنوافلِ كان من المُقرَّبِينَ، وإن كان معَ ذلك داعيًا لغيرِه إلى اللهِ، هاديًا للخلقِ؛ كان أفضلَ من غيرِه من أولياءِ اللهِ، كما قال: {يرفع الله الذينَ آمنوا منكم والذينَ أوتوا العلم درجات}، قال ابنُ عبَّاسٍ: «للعُلماءِ درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة» (١)، وقال صلى الله عليه وسلم: «العلماءُ وَرَثةُ الأنبياءِ؛ إن الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا دِرْهمًا، إنما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخَذَ به فقد أخَذَ بحَظٍّ وافرٍ»، وقال: «فضلُ العالِمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ» رواهما أهلُ السُّنَنِ (٢).

إذا تبيَّنَ ذلك؛ فمن كان جاهلًا بما أمَره به وما نهاه عنه؛ لم يكُنْ


(١) لم نقف عليه مسندًا، وقد ذكره أبو طالب المكي في قوت القلوب (١/ ٢٠٦)، والغزالي في إحياء علوم الدين (١/ ٥).
وأسند ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٩٥)، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد سبعون درجة».
(٢) رواه أحمد (٢١٧١٥)، وأبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وهما حديث واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>