للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلبسون، ونحن نسبح بحمدك، ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو، فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل لنا الآخرة، فقال: لا أجعل ذرية من خلقته بيدي كمن قلت له كن فكان" (١).

قرأت بخط أبي عبد اللَّه سبط ابن رُشِيِّق (٢) ولعله مما أخذه عن شيخنا ابن تيمية: "كل ما يحدث في العالم من الرزق وغيره يحدث بأسباب، ولا يعلم جميع شروطها التي بها يتم تأثيرها إلا اللَّه، ولا يعلم جميع الموانع التي يندفع عنها حتى يتم التأثير إلا اللَّه، فهو سبحانه العالم القادر على التأثير بها، القادر على دفع موانعها، فيجب التوكل عليه" (٣).


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (رقم ٦١٧٣) وفي الكبير (رقم ١٤٥٨٤) وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٨٢): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه إبراهيم بن عبد اللَّه بن خالد المصيصي، وهو كذاب متروك، وفي سند الأوسط طلحة بن زيد، وهو كذاب أيضًا.
لكن للحديث طرق أخرى أحسن حالا من الطريقين السابقين المنكرين:
• فروي من طريق: عثمان بن حصن بن علاق، عن عروة بن رويم. واختلف فيه عنه:
- فمرة قال: عن الأنصاري مرفوعًا. أخرجه عبد اللَّه بن الإمام أحمد في السنة (رقم ١٠٦٥) والبيهقي في الأسماء والصفات (رقم ٦٨٨) وفي الشعب (رقم ١٤٧).
- ومرة قال: عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا. أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (رقم ٥٢٠) والبيهقي في الأسماء والصفات (رقم ٦٨٩) وابن عساكر في تاريخه (٣٤/ ١١٠).
- ومرة قال عن أنس بن مالك مرفوعًا. أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٥٣/ ١٣٩).
• وروي من طريق: هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللَّه بن عمرو موقوفًا. أخرجه مقاتل في تفسيره (٤/ ٧٩٤) والدارمي في الرد على المريسي (١/ ٢٥٧). قال ابن كثير في تاريخه (١/ ١٢٧): هو أحسن ما يُستدل به وأصح.
• وروي من طريق: شبابة بن سوار، عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار من قوله. أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (رقم ٢٣٦).
• وروي من طريق: معمر، عن زيد بن أسلم من قوله. أخرجه عبد الرزاق (رقم ١٥٩٢) ومن طريقه الطبري (١٥/ ٥).
وسُئل الدارقطني عن حديث عبد اللَّه بن عمرو فقال في العلل (١٢/ ٤١٣): يرويه عبد المجيد بن أبي رواد، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عمر. واختلف عنه في رفعه: أسنده عن عبيد اللَّه بن محمد الفزاري. وخالفه سريج بن يونس فرواه عنه موقوفا. والموقوف أصح.
(٢) محمد بن عبد اللَّه بن الفقيه أبي محمد عبد الوهاب بن الفقيه أبي الحجاج يوسف بن محمد بن خلف الأنصاري القَصْريّ المغربي المالكي، المعروف بابن رُشَيّق، توفي سنة ٧٤٩ هـ. قال ابن عبد الهادي في العقود الدرية (ص ٤٣): أبو عبد اللَّه بن رشيق وكان من أخص أصحاب شيخنا وأكثرهم كتابة لكلامه وحرصا على جمعه كتب الشيخ. وقال ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (٤/ ١٩٥): صاحبنا الفقيه أبو عبد اللَّه ابن رشيق المالكي. وقال ابن كثير في تاريخه (١٨/ ٥١٠): كاتب مصنفات شيخنا العلامة ابن تيمية، كان أبصر بخط الشيخ منه، إذا عزب شيء منه على الشيخ استخرجه أبو عبد اللَّه هذا، وكان سريع الكتابة لا بأس به، دينا عابدا، كثير التلاوة، حسن الصلاة.
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (٤/ ١٤) ومجموع الفتاوى له (٨/ ٧٠، ٢٨٤، ٣٩٨، ٤٨٧).