للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الفخر الرازي في الملخص (١): "بل يجوز أن تكون فوق الفلك التاسع المتحرك بحركته اليومية من الأفلاك ما لا يعلم عددها إلا اللَّه تعالى، بل يحتمل أن يكون هذا الفلك التاسع بما فيه من الكرات مركوزًا في ثخن كرة أخرى عظيمة، ويكون في ثخن تلك الكرة ألف ألف مثل هذه الكرة، وليس ذلك بمستبعد، فإن تدوير المريخ أعظم من مثل الشمس، فإذا عقل ذلك فأي بأس بأن يفرض مثله مما هو أعظم منه" (٢).

٤٨ - فصل (٣).

ما يَردُ المتكلمون وغيرهم على الفلاسفة قولهم: أن الأفلاك غير قابلة للحركة المستقيمة والفساد، وأنها ليست ثقيلة ولا خفيفة ولا حارة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة، وأنا بسيطة كُرِّية لا تقبل الحرق والشق".

وقولهم: "أن الأفلاك ذوات أنفس وأنها متحركة بالإرادة النفسية، وأن الكرات متحركة بحركات الأفلاك".

وقولهم: "في طبائع الكواكب وأنوارها ومحق القمر والمرة وبساطة الكواكب وكونها كُرِّية مع إنارتها وكثافتها ومخالفتها للأفلاك في أنوارها".

قالوا: "ولو كانت تسير لكانت شفافة غير نيِّرة على أصولهم".

وقولهم: "إن نور القمر مستفاد من الشمس".

٤٩ - فصل (٤).

ذكر ابن سبعين المُلْحِد (٥) قول اللَّه تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فصلت: ٩] إلى قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [فصلت: ١١] وقال في موضع آخر: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧] إلى قوله: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)﴾ فقال: "اعلم أنه لا تناقض بين الآيتين بحال، وإنما كان يجد الطاعن المقال لو قال: "والأرض بعد ذلك خلقها أو أنشأها أو ابتدأها، وإنما قال: ﴿دَحَاهَا﴾ فابتدأ الخلق للأرض كما في الآتي الأول في يومين ثم خلق السموات،


(١) كتاب الملخص في الحكمة والمنطق للرازي، لا يزال مخطوطة، نقل منه الدكتور محمد الزركان في رسالته: فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية (ص ٥٠٦) الناشر: دار الفكر.
(٢) انظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لمحمود بن عبد اللَّه الآلوسي (٩/ ٣٩).
(٣) ذكر المؤلف في هذا الفصل بعضا من أقوال الفلاسفة والمتكلمين في الأفلاك وسيرها ونور القمر.
(٤) ذكر المؤلف في هذا الفصل بعضًا من أقوال الفلاسفة والمتكلمين في خلق السموات والأرض والشمس والقمر.
(٥) عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين القرشيّ المخزوميّ الإشبيلي المُرسي الرُّقُوطيّ، كان صوفيا على قاعدة زهد الفلاسفة وتصوفهم. وله كلام كثير في العرفان على طريق الاتحاد والزندقة، ولد سنة ٦١٤ هـ ومات سنة ٦٦٨ هـ بمكة. انظر: التاريخ للذهبي (١٥/ ١٦٨).