للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الأول: عصر المصَنِّف

عاش الإمام ابن المحب في القرن الثَّامن الهجري في الفترة ما بين سنتي (٧١٢ هـ - ٧٨٩ هـ) وتعدُّ هذه الفترة التي عاش فيها من أهم مراحل دولة المماليك (١)، والتي قامت على أنقاض الدولة الأيوبية، خلال القرن السَّابع الهجري.

وتعود بداية ظهور المماليك في الدولة الإسلامية إلى الخليفة المأمون العباسي (٢)، فهو أول من استكثر من المماليك، ثم تلاه أخوه المعتصم (٣)، الذي أراد أن يحدّ من نفوذ جنوده من الفرس فكوّن جيشًا أغلبه من التركمان، كان يشتريهم صغارًا ويربيهم حتى وصل عددهم إلى عشرين ألفًا.

ثم أكثر منهم السلطان نجم الدين بن أيوب (٤)، من حكام الدولة الأيوبية، لضعف شأنهم بعد وفاة صلاح الدين (٥) سنة (٥٨٩ هـ)، وانقسام الدولة بين الأيوبيين، وقيام المنافسات والحروب الكثيرة، مما اضطر كل منهم للبحث عن عصبية تحمية وقت الشِّدَّة، وتساعده في صدّ أعدائه، والوقوف في وجه الصليبين في الشام (٦).


(١) مماليك: جمع مملوك، وهو الرقيق الذي يباع ويشترى، وهي اسم مفعول من الفعل (ملك)، واسم الفاعل (مالك) والمملوك هو عبد مالكه، ولكنه يختلف عن العبد الذي بمعنى الخادم. انظر: المماليك البحرية وقضائهم على الصليبين في الشام لشفيق جاسر أحمد (ص ١٠٧).
(٢) هو: عبد الله بن هارون الرشيد العباسي، الخليفة أبو العباس، قرأ العلم والأدب والأخبار والتعقليات، وعلم الأوائل، وأمر بتعريب كتبهم، ودعا إلى القول بخلق القرآن وبالغ - نسأل الله السلامة -، وبعد وفاة أبيه جرت بينه وبين أخيه الأمين خطوب وبلاء وحروب، إلى أن قُتِل الأمين، وبايع الناس المأمون سنة (١٩٨ هـ)، وكان عالمًا فصيحًا مفوَّهًا، مات سنة (٢١٨ هـ). انظر: السير (١٠/ ٢٧٢ رقم الترجمة ٧٢).
(٣) هو: محمد بن هارون بن الرشيد العباسي، الخليفة المعتصم أبو إسحاق، بويع بعهد من المأمون سنة (٢١٨ هـ)، كان ذا قوة وبطش وشجاعة وهيبة، وأمر ببناء مدينة سامرَّا، مات سنة (٢٢٧ هـ). انظر: السير للذهبي (١٠/ ٢٩٠ رقم الترجمة ٧٣).
(٤) هو: الملك الصالح أيوب بن الملك الكامل محمد ابن العادل، أبو الفتوح، ناب عن أبيه لما ذهب لحصار الناصر داود كان يحب أهل الفضل والدين، وله نهمة في إنشاء الأبنية العظيمة، قتل سنة (٦٤٧ هـ). انظر: السير للذهبي (٢٣/ ١٨٧ رقم الترجمة ١١٣).
(٥) هو: صلاح الدين، يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شاذي، أبو المظفر، يلقب بالملك الناصر، ولد سنة (٥٣٢ هـ)، وكان نور الدين قد أمَّره وبعثه في عسكره مع عمه أسد الدين شيركوه، فحكم شيركوه على مصر، فما لبث أن توفي، فقام بعده صلاح الدين، وقهر بني عبيد واستولى على قصر القاهرة، وكان خليقًا للإمارة مهيبًا شجاعًا عالي الهمة، وتملك بعد نور الدين واتسعت بلاده، وفي سنة (٥٨٣ هـ) كانت وقعة حطين بينه وبين الفرنج، ثم حاصر القدس وأخذها بالأمان، وكانت له همة في إقامة الجهاد، وإبادة الأضداد، مات سنة (٥٨٩ هـ). انظر: السير للذهبي (٢١/ ٢٧٨ رقم الترجمة ١٥١).
(٦) انظر: المماليك البحرية وقضائهم على الصليبين في الشام لشفيق جاسر أحمد (ص ١٠٩) وما بعدها.