للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة!! وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله، وأنه ينبغي أن يفعل كذا، ولا ينبغي له أن يفعل كذا!! وقاسوه على خلقه في أفعالهم، فهم مشبِّهة في الأفعال، ودخل التجهم فيهم، فصاروا مع ذلك معطِّلة! وقالوا: خَفق الجنَّة قبل الجزاء عبث! لأنها تصير معطلة مُددًا متطاولة!! فردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب تعالى، وحرَّفوا النُّصوص عن مواضعها، وضلَّلوا وبدَّعوا من خالف شريعتَهم" (١).

* مسألة الكرسي والعرش:

ذكر ابن المحب الأقوال الواردة في تفسير قوله تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [سورة البقرة: ٢٥٥]، منها: تفسير ابن عباس: "الكرسي: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا يُقَدَّرُ قَدْرَ عَرْشِهِ" (٢). قال عبد الرزاق: "الكُرسي موضِعُ القَدَمين، ولا يقدر قَدْرَه أحد" (٣). قول سعيد بن جبير: "الكُرْسِي موضِع القَدَمَين" (٤).

ونقل قول يحيى بن معين أنَّه قال: شهدت زكريا بن عدي سأل وكيعًا فقال: "يا أبا سفيان هذه الأحاديث - يعني مثل: "الكُرسي موضع القدمين، ونحو هذا -؟ فقالى وكيع: "أدْرَكنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومُسعرًا يحدِّثون بهذه الأحاديث ولا يفسِّرون شيئًا" ا. هـ (٥).

وقد أجمع علماء السَّلف على وجود العرش، وثبوت الكرسي. وقد نقل هذا الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "العرش موجود بالكتاب والسُّنَّة وإجماع سلف الأمَّة وأئمتها، وكذلك الكرسي ثابت بالكتاب والسُّنَّة وإجماع جمهور السَّلف" (٦).

وقال الطحاوي في "عقيدته": الكرسي والعرش حقٌّ" (٧).


(١) الطحاوي في "العقيدة الطحاوية" (ص ٦١٤ - ٦١٥).
(٢) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (٥٥).
(٣) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (٥٦).
(٤) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (٥٧).
(٥) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (٥٨).
(٦) ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٦/ ٥٨٤).
(٧) الطحاوي في "العقيدة الطحاوية" (ص ٣٦٤).