للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكثير، لكن كان محيي الدين أنقل للمذهب وأكثر محفوظا منه، وهؤلاء الأئمة اليوم هم خواص تلامذته. . . وكان قليل المعلوم، كثير البركة، مع الكرم والإيثار والمروءة والتجمل. . .وهو والشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر أجل من روي "صحيح البخاري" عن ابن الزبيدي" (١).

وقال ابن كثير: "وقد تخرج به جماعة كثيرون، وأمم لا يحصون من قضاة، وقضاة قضاة، وعلماء، وفقهاء، وسادة، وقادة رؤوس، ورؤساء، وأئمة وكبراء، وكان له فنون في الشرعيات من فقه وحديث وتفسير وعلوم الإسلام" (٢).

[٦ - الإمام الخطيب شرف الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن نعمة المقدسي الشافعي المتوفى سنة ٦٩٤ هـ.]

قال الذهبي: "أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد، الإمام العلامة، أقضي القضاة خطيب الشام، شرف الدين أبو العباس النابلسي، المقدسي، الشافعي، بقية الأعلام، كان إماما، فقيها، محققا، متقنا للمذهب والأصول والعربية والنظر، حاد الذهن، سريع الفهم، بديع الكتابة، إمامًا في تحرير الخط المنسوب، ولي دار الحديث النورية، ثم ولي الخطابة. ثم مات حميدًا، فقيدًا، سعيدًا، تخرج به جماعة من الأئمة، وانتهت إليه رياسة المذهب بعد الشيخ تاج الدين، وأذن لجماعة في الفتوى، وكان متواضعًا متنسكًا كيسًا، حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، طويل الروح على التعليم، وكان ينشئ الخطب ويخطب بها، وكان متين الديانة، حسن الاعتقاد، سلفي النحلة، ذكر لنا الشيخ تقي الدين ابن تيمية أنه قال قبل موته بثلاثة أيام: "اشهدوا أني على عقيدة أحمد بن حنبل" (٣).

وقال ابن كثير: "الشيخ الإمام الخطيب المدرس المفتي شرف الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ كمال الدين أحمد بن نعمة بن أحمد بن جعفر بن حسين بن حماد المقدسي الشافعي، ولد سنة ثنتين وعشرين وستمائة، وسمع الكثير، وكَتَبَ حَسَنًا، وصنف فأجاد وأفاد، وولي القضاء نيابة بدمشق والتدريس والخطابة بدمشق، وكان مدرس دار الحديث النورية مع الخطابة، وأذن في الإفتاء لجماعة من الفضلاء منهم: الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية، وكان يفتخر بذلك ويفرح به ويقول: "أنا أذنت لابن تيمية بالإفتاء" وكان


(١) انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٥/ ٦٦٠ - ٦٦٢).
(٢) انظر: طبقات الشافعيين لابن كثير (ص ٩٢٢).
(٣) انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٥/ ٧٨١).