للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثاني: نقول ينزل، ولا نقول بذاته ولا بغير ذاته، بل نطلق اللفظ كما أطلقه رسول الله ونسكت عمَّا سكت عنه (١):

أدلة هذا القول:

- الدليل الأول: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (٢).

- الدليل الثاني: عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : يَنْزِلُ اللهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِشَطْرِ اللَّيْلِ، أَوْ لِثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ أَوْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ، وَلَا ظَلُومٍ؟

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ: ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَيْهِ يَقُولُ: «مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدُومٍ، وَلَا ظَلُومٍ» (٣).

وجه الدلالة من الحديثين:

لفظ النُّزول في الحديثين مجمل، وليس فيه أنَّ النُّزول يكون بذاته أو بغير ذاته، وليس المسلم في حاجة إلى أن يقول ينزل بذاته، ما دام الفعل أضيف إليه؛ فهو له (٤).

والذي عليه أهل العلم من أهل السُّنَّة والحقِّ الإيمان بمثل هذا وشبهه من القرآن والسُّنن دون كيفيَّة، فيقولون: ينزل، ولا يقولون: كيف النُّزول؟ ولا يقولون: كيف الاستواء؟ ولا كيف المجيء في قوله ﷿: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [سورة الفجر آية: ٢٢]، ولا كيف التَّجلِّي في قوله: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ [سورة الأعراف آية: ١٤٣] (٥).


(١) مختصر الصواعق المرسلة (ص ٤٦٩)، فتح الباري لابن رجب (٦/ ٥٣٣).
(٢) تقدم تخريجه في صفحة (٤٢).
(٣) تقدم تخريجه في صفحة (٤٨).
(٤) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (٨/ ٤٠٠).
(٥) الاستذكار، لابن عبد البر (٢/ ٥٣٠).