المطلب الثاني: الرد على شبه زهير الأثري وأصحابه، وأبو معاذ التومني القائلين بأنه فوق عرشه تعالى وهو أيضًا في كل مكان.
أنهم أخطأوا وتناقضوا في الجميع بين على اللَّه تعالى وفوقيته، وبين قولهم أنه في كل مكان، فالعلو والفوقية ثابتة للَّه تعالى بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وأما القول بأنه تعالى في كل مكان فقول مبتدع فاسد قد بينا سابقًا فساده وضلال قائله.
قال ابن تيمية:"هذا الصنف الثالث وإن كان أقرب إلى التمسك بالنصوص وأبعد عن مخالفتها، لكنه غائط أيضًا، فكل من قال: "إن اللَّه بذاته في كل مكان" فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها، مع مخالفته لما فطر اللَّه عليه عباده ولصريح المعقول وللأدلة الكثيرة، وهؤلاء يقولون أقوالا متناقضة يقولون: إنه فوق العرش. ويقولون: نصيب العرش منه نصيب قلب العارف. . . ومعلوم أن قلب العارف نصيبه منه المعرفة والإيمان وما يتبع ذلك، فإن قالوا: "إن العرش كذلك" نقضوا قولهم: إنه نفسه فوق العرش، وإن قالوا بحلوله بذاته في قلوب العارفين كان هذا قولا بالحلول الخالص، وقد وقع في ذلك طائفة من "الصوفية"، ولهذا كان أئمة القوم يحذرون من مثل هذا، سئل "الجنيد" عن التوحيد فقال: "هو إفراد الحدوث عن القدم". فبين أنه لا بد للموحد من التمييز بين القديم الخالق والمحدث المخلوق فلا يختلط أحدهما بالآخر، وهؤلاء يقولون في أهل المعرفة ما قالته النصارى في المسيح والشيعة في أئمتها"(١).