(٢) حديث حجاج آدم وموسى ضلت فيه طائفتان: طائفة كذبت بالقدر لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذنب والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر، وطائفة شر من هؤلاء جعلوا القدر حجة، وقد يقولون: القدر حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه، وهم الصوفية الذين يسمون أنفسهم أهل الحقيقة، ولا يرون أن لهم فعلًا، ومن الناس من يقول في هذا الحديث: إنما حاج آدم موسى لأنه أبوه، أو لأنه قد تاب، أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في شريعة أخرى؛ أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الآخرة، كل هذا باطل. والصواب أن موسى ﵇ لام أباه لأجل المصيبة التي لحقتهم فقال له: "لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة"، لم يلمه لمجرد كونه أذنب ذنبًا وتاب منه. والمؤمنون مأمور بالصبر عند المصائب، والاستغفار من المصائب. فأهل الغي والضلال نجدهم يحتجون بالقدر إذا أذنبوا، واتبعوا أهوائهم، ويضيفون الحسنات إلى أنفسهم إذا أنعم عليهم بها، كما قال أحد العلماء: أنت عند الطاعة قدري، وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به. وأهل الهدى والرشاد إذا فعلوا حسنة، شهدوا أنعام الله عليهم بها، وإذا فعلوا سيئة استغفروا الله وتابوا إليه منها. انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية (ص: ١٣٤ - ١٣٧). ولا يزال أهل العلم يبينون معنى هذا الحديث، ويردون على من لم يفهم هذا الحديث من المعتزلة الذين يقولون بخلق أفعال العباد، ومن الجبرية الذين يقولون: إن العباد مجبورون على أفعالهم. (٣) طاوس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري، مولاهم الفارسي، يقال اسمه: ذكوان، وطاوس لقب، ثقة، فقيه، فاضل، من الثالثة. ع. التقريب (رقم: ٣٠٠٩). (٤) حج آدم موسى. أي غلبه بالحجة. النهاية لابن الأثير (١/ ٣٤١). (٥) واستصفى الشيء واصطفاه: اختاره. والاصطفاء: الاختيار، افتعال من الصفوة. انظر: لسان العرب (١٤/ ٤٦٣). (٦) في هذا الموضع إثبات اليد لله تعالى. وأهل الباطل يُؤولونها بالقدرة أو بالنعمة، وهذا المعنى فاسد، ولا يستسيغه عاقل. (٧) رواه البخاري في صحيحه، كتاب القدر، باب تحاج وآدم وموسى عند الله (٨/ ١٢٦)، برقم (٦٦١٤) بنحوه. (٨) رواه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم، (٤/ ٢٠٤٢) رقم (٢٦٥٢/ ١٣) بنحوه. (٩) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، أبو بكر، =