إن حاجتنا لهذه العقيدة فوق كل حاجة، وضرورتنا إليها فوق كل ضرورة، فلا سعادة للقلوب، ولا نعيم، ولا سرور إلا بأن تعبد ربها وفاطرها ﷾. فهي من أعظم الواجبات وآكدها. وقضايا العقيدة من المسائل التي عني علماء الأمة ببيانها وتقريرها وتأصيلها، حتى لا يلتبس على الناس أمرها، فيقعوا في البدع والضلالات.
ومن أبرز مسائل العقيدة التي اعتنوا بها: مسألة الأسماء والصفات إذ أن شرف العلم بها من شرف المعلوم. وممن اهتم بذلك ابن المحب ﵀ فصنف كتابه (صفات رب العالمين) في تقرير هذه المسألة، وبيانها.
وقد بدأ ﵀ في كتابه بصفات الله ﷾ وسرد جملة منها مع ذكره للأدلة الدالة عليها، وأعقب بعضها ببيان أقوال السلف فيها، ثم تناول بعد ذلك بعض مواضيع العقيدة المهمة والتي لا تقل أهميتها عن باب الأسماء والصفات - ولعله غلب الاسم لبدئه بالصفات، أو لكون الجزء الأكبر منه يشمل مسألة الصفات -، وهي ما سأقوم بتحقيقه في هذا الجزء الذي بين يديّ وهي على النحو التالي:
أولًا/ مسألة القضاء والقدر، وتبدأ من اللوح (٣٠٧ أ) إلى (٣٣٥ ب).
ثانيًا/ مسألة الرؤية. وتبدأ من اللوح (٣٣٦ ب) إلى (٣٦١ أ).
ثالثًا/ مسألة أشراط الساعة، وتبدأ من اللوح (٣٦٢ ب) إلى (٣٨٢ ب).
فقسم المصنف ﵀ كل مسألة على أبواب، وقد يستشهد بالآيات الكريمة بعد ذكر الباب مع بيان معانيها إن أمكن، ثم يستشهد في كل باب بجملة من الأحاديث والآثار، وكثيرًا ما يُورد الأحاديث بإسناده، ولم يشترط الصحة في جملة الأحاديث التي يذكرها، فقد يذكر أحاديث ضعيفه أو موضوعه مع بيانه لضعفها أحيانًا، ولعله يريد بذكرها بيان جملة الأحاديث الواردة في الباب. كما أنه ينقل أقوال علماء السلف في بعضر المسائل إن احتيج لذلك ليبين القول الفصل في المسألة لا سيما إن كان فيها شبهة ونحوه.
وسأتناول في هذا الفصل بيان منهج أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، ومنهج ابن المحب فيها بإيجاز.