للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن كثير: "وفي يوم الخميس ثالث عشرين ذي الحجة باشر الشيخ الإمام العلامة الحافظ الحجة، شيخنا ومفيدنا، أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي مشيخة دار الحديث الأشرفية عوضًا عن كمال الدين بن الشريشي، ولم يحضر عنده كبير أحد لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك، مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه، ولا أحفظ منه، وما عليه منهم إذ لم يحضروا عنده، فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده، وبعدهم عنه أُنْس" (١).

[د - دار الحديث الأشرفية البرانية]

ويقال لها أيضًا المقدسية، وقد أنشأها كذلك الملك الأشرف أبو الفتح مظفَّر الدين موسى بن الملك العادل محمد الأيوبي، وجعلها خاصة بالحنابلة، وكان ابتداء بنائها سنة ٦٢٩ هـ، وجُعل شيخها الإمام جمال الدين عبد اللَّه بن تقي الدين عبد الغني بن علي بن سرور المقدسي، فتوفي قبل أن يليها.

قال ابن مفلح: "عبد اللَّه بن عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الحافظ بن الحافظ جمال الدين. . .كتب بخطه الكثير وجمع وصنف وأفاد وقرأ القرآت. . .قال الحافظ الضياء: كان علامة وقته، وقال ابن الحاجب: لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والأمانة، وكان كثير الفضل وافر العقل متواضعًا مهيبًا جوادًا سخيًا له القبول التام مع العبادة والورع والمجاهدة، قال الذهبي: بنى له الملك الأشرف دار الحديث بالسفح وجعله شيخها وقرر له معلوما فمات قبل فراغها، توفي يوم الجمعة خامس رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة ودفن بالسفح" (٢).

وأول من تولى مشيختها:

[١ - الإمام شيخ الإسلام شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي الحنبلي المتوفي سنة ٦٨٢ هـ.]

قال ابن كثير: "شيخ الجبل الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق -ثم تركه وتولاه ابنه نجم الدين- وتدريس الأشرفية بالجبل، وقد سمع الحديث الكثير، وكان من علماء الناس وأكثرهم ديانة في عصره وأمانة، مع هدي صالح وسمت حسن وخشوع ووقار" (٣).


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٨/ ١٨١).
(٢) انظر: القلائد الجوهرية لابن طولون (١/ ١٥٦) والمقصد الأرشد لابن مفلح (٣/ ٤٠ - ٤١).
(٣) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٧/ ٥٩١).