وأقوال أئمة المسلمين في مسائل أصول الدين بل إنما يعرفون أقوال الجهمية والمعتزلة ونحوهم من أهل الكلام المحدث، وهؤلاء كلهم مبتدعة عند سلف الأمة وأئمتها، وبسبب مناظرة هؤلاء للفلاسفة، حصل شر كثير في الإسلام فإنهم يناظرون بجهل كثير بالعقليات والسمعيات.
والقول الثالث: قول من يقول بمعاد الأرواح التي هي النفس الناطقة فقط. كما يقول من يقوله من المتفلسفة.
والرابع: إنكار المعادين مطلقا كما هو قول المكذبين بالجزاء بعد الموت كما كان عليه المكذبون بذلك من مشركي العرب وغيرهم من الأمم، ولهذا بين الله المعاد في كتابه بأنواع من البيانات كما قد بسط في موضعه. (١)
[فصل]
ذكر الرازي في تقرير أمر الميعاد من سورة والتين والزيتون ما ملخصه:
أنه تعالى أقسم بأربعة أشياء على أمرين: أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأنه ( … ) عن تلك الخلقة الفاضلة الكاملة إلى أسفل سافلين، وهذا الأمران مشاهدان محسوسان، لأن علم التشريح دل على أن خالق الإنسان راعي أنواعا عظيمة من الخلقة واعتبر أقصى الغايات في الرحمة، والإحسان.
ثم إن الحس يدل على أنه بعد الانتهاء إلى سن الوقوف فأخذ في التراجع والانقباض والانتكاس قليلا قليلا حتى يحصل إلى الضعف والنقصان، وهو المراد من قوله: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [سورة التين: ٥]، فهذا سؤال: هل له بهذه الأبدان عناية أم لا؟، فإن كان فكيف أبطلها وردها إلى أسفل سافيلن، وإن لا فكيف ( … ) كيف اعتبر جميع أنواع القيامة في كلمتها، والله أجاب عن ذا بقوله ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾