للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شأنهم بعد وفاة صلاح الدين ""، وانقسام الدولة بين الأيوبيين الذين لقبوا أنفسهم بالملوك في كل من مصر، ودمشق، وحلب، والكرك (١)، وبعلبك (٢)، وحمص، وحماه؛ حيث قامت بينهم منافسات وحروب كثيرة، كما قامت بينهم من جهة وبين أبناء البيوتات الأخرى مثل آل زنكي وأهل البلاد الآخرين حروب مشابهة، مما اضطر كل منهم للبحث عن عصبية تحميه وقت الشدة، وتساعده في صد أعدائه، فكان الإكثار من الرقيق الأبيض (المماليك) خير وسيلة لتحقيق ذلك وللوقوف في وجه الصليبيين في بلاد الشام (٣).

• وقد كانت دولة المماليك تتمثل في طورين:

[الطور الأول: المماليك البحرية (٦٤٨ هـ - ٧٨٤ هـ).]

رجح ابن عاشور أن سبب تسميتها بالبحرية يرجع إلى: اختيار الصالح نجم الدين أيوب جزيرة الروضة في بحر النيل مركزًا لهم، وكان معظمهم من الأتراك، مجلوبين من بلاد القفجاق - شمالي البحر الأسود - ومن بلاد القوقاز - قرب بحر قزوين -.

وقد تمكنوا من الاستئثار بحكم مصر نحو قرن وثلث، واستطاعوا مواجهة المشاكل الخارجية - المتمثلة في رد الحملات الصليبية من جهة ورد الغزو المغولي التتري على بلاد الشام من جهة أخرى -.

وأما المشاكل الداخلية فقد كانت الدولة تعاني من المؤامرات والنزاعات والعصبيات، فضلًا عن الأزمات الاقتصادية التي واجهت المسلمين في مصر والشام (٤).

وقد بدأت بحكم عز الدين أيبك (٥). وقد تمثل هذا الحكم في أسرتين فقط، وهما:


(١) كرك قرية في أصل جبل لبنان. معجم البلدان للحموي (٤/ ٤٥٢).
(٢) بَعْلَبَكُّ مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرّخام لا نظير لها في الدنيا، بينها وبين دمشق ثلاثة أيام، وقيل اثنا عشر فرسخًا من جهة الساحل. معجم البلدان (١/ ٤٥٣).
(٣) انظر: المماليك البحرية لشفيق جاسر (ص: ١٠٩) وما بعدها، ومصر والشام في عصر الأيوبين والمماليك (ص: ١٥١).
(٤) انظر: مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك (ص: ١٥٣) بتصرف.
(٥) أيبك بن عبد الله التركماني، السلطان الملك المعز عز الدين. مات سنة: (٦٥٥ هـ) كان أكبر مماليك الملك الصالح نجم الدين، ولما قتل الملك المعظم ابن الصالح اتفقوا على أيبك التركماني، ثم سلطنوه. ولم يكن من كبار الأمراء، لكنه كان معروفا بالعقل والسداد والدين وترك المسكر، وفيه كرم وسكون. انظر: تاريخ الإسلام (١٤/ ٧٧٣) (رقم: ١٨٩).