للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشيئته، وقد يكون العبد سببًا في إيمان غيره بتحسين الإيمان له وتزيينه وبيان حلاوته وما يحصل في القلب والبدن من لذة وسعادة نتيجة لذلك، وقد يكون للعبد أيضًا سببًا في كفر غيره بتزيينه الكفر وتحسينه لهن وتقبيح الإيمان له وتنفيره عنه.

٣ - أن اللذة والإتعاب والإيلام لا يوصف به الفعل أبدًا، فسبب اللذة إحساس الملائم، وسبب الألم إحساس المنافي، ليس اللذة والألم نفس الإحساس والإدراك؛ وإنما هو نتيجته وثمرته ومقصوده (١).

٤ - أنّ الأشعري المنكر للحسن والقبح العقلي أقر هنا بقبح الكفر وحسن الإيمان عقلًا، مع أنه لا يقول بالحسن والقبح العقليّين، لأنهما عنده لا يُعلمان إلا بالشرع فقط (٢).

[الشبهة الرابعة]

أن الدليل على خلق اللَّه حركة الاضطرار قائمٌ في خلق حركة الاكتساب، فكما أن حركة الاضطرار إن كان الذي يدل على أن اللَّه خلقها حدوثُها فكذلك القصة في حركة الاكتساب، وكذلك الذي يدل على أن خلقها حاجتها إلى زمان ومكان فكذلك قصة حركة الاكتساب، فوجب خلق حركة الاكتساب بمثل ما وجب به خلق حركة الاضطرار (٣).

[الرد عليهم]

١ - أن الانسان يجد من نفسه تفرقة بين الحركة الاضطرارية والحركة الاختيارية، وليست التفرقة واقعة بالنسبة إلى الحركتين من حيث هما ذاتان أو من حيث هما موجودان ولا غير ذلك، بل التفرقة إنما هي راجعة إلى كون إحداهما مقدورة مرادة والأخرى ليست مقدورة ولا مرادة، وإذا لم تكن التفرقة إلا لتعلق القدرة بإحداهما دون الأخرى فلا يخلو: إما أن يكون لتعلق القدرة تأثير أو ليس لها تأثير، لا جائز أن يقال بأنه لا تأثير لها، وإلا لما حصلت التفرقة؛ إذ لا فرق بين انتفاء التعلق وبين ثبوته مع انتفاء التأثير فيما يرجع إلى التفرقة فتعين القول بالتأثير (٤).


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٠/ ١٤٠).
(٢) انظر: الإرشاد للجويني (ص ٢٥٨) والمحصل للرازي (ص ٢٠٢) وشرح المواقف للجرجاني (٨/ ١٨١ - ١٨٢).
(٣) انظر: اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع للأشعري (ص ٧٤ - ٧٥) باختصار.
(٤) انظر: غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ٢١٩ - ٢٢٠).