للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - أما التتار: فكان لتسلطهم على بلاد المسلمين أسباب كثيرة منها:

أ - ضعف الخلافة العباسية حتى سقوطها.

ب - استقلال كثير من البلدان الإسلامية عن الخلافة العباسية.

ج - ظهور البدع والنفاق والزندقة، والسحر والشعوذة.

[أ - أما ضعف الخلافة العباسية]

فإنه بعد قتل الخليفة المتوكل على اللَّه جعفر بن المعتصم باللَّه بن هارون الرشيد (١)، بدأ الضعف والتفرق والانقسام يظهر في الخلافة العباسية منذ حينئذٍ، فبدأ الأتراك يفرضون إرادتهم على الخلفاء حيث سيطروا على الدولة العباسية ومؤسساتها وبيت المال فيها بعد قتلهم المتوكل وتنصيب ابنه المنتصر باللَّه محمد خليفة (٢) بعده، وسَخَّروا جميع ذلك لخدمة مصالحهم وأطماعهم، حتى أصبح خلفاء بني العباس ألعوبة بأيديهم، يعزلون ويقتلون من شاءوا ويولون من شاءوا، وكذلك تنافسوا على جمع الأموال والثروات الطائلة، وأخفقت كل محاولات الخلفاء بعد ذلك في استرداد هيبة الخلافة وقوتها، وفي عهد الخليفة المعتمد على اللَّه أحمد بن المتوكل (٣) رجع للخلافة شيء من قوتها وهيبتها إلى وفاته، لكن سرعان ما سيطر القادة الأتراك على الدولة بعد ذلك، ولم يبق للخلفية من الأمر شيء سوى الاسم والدعاء له على المنابر فقط. حتى أنه في خِلافة المستعين


(١) جعفر المتوكل على اللَّه أبو الفضل بن المعتصم باللَّه أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد القرشي العباسي البغدادي، الخليفة العباسي العاشر، كان أسمر، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، إلى القصر أقرب، وأمه أم ولد، أظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وإظهار السنة، وبسطها ونصر أهلها، يعني محنة خلق القرآن، توفي سنة ٢٤٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (٥/ ١٠٩٧).
(٢) محمد بن المتوكل، وقيل: الزبير، ولد سنة ٢٢٢ هـ كان أعين، قصيرًا، أقنى، أسمر، ضخم الهامة، عظيم البطن، جسيما، مليح الوجه، مهيبا، بويع بالخلافة في صبيحة الليلة التي قتل فيها المتوكل، ولم تطل مدته فقد توفي سنة ٢٤٨ هـ. انظر: المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي (١١/ ٣٥٣) وما بعدها. تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا. الناشر: دار الكتب العلمية بيروت. الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ.
(٣) أحمد بن المتوكل على اللَّه جعفر بن المعتصم، أبو العباس، المعتمد على اللَّه: خليفة عباسي، ولد بسامراء، وولي الخلافة سنة ٢٥٦ هـ بعد مقتل المهتدي باللَّه بيومين. وطالت أيام ملكه، وكانت مضطربة كثيرة العزل والتولية، بتدبير الموالي وغلبتهم عليه، فقام وليّ عهده أخوه الموفق باللَّه طلحة فضبط الأمور، وصلحت الدولة وانكفَّت يد المعتمد عن الحكم، توفي سنة ٢٧٩ هـ. انظر: الأعلام لخير الدين الزركلي (١/ ١٠٦).