للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومذهب أهل السُّنَّة وفقهاء الأمَّة ترك القول في تأويله.

[أدلة القول الثاني]

ذُكِرَتْ لهم استدلالات بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وسنعرض أدلتهم مع مناقشتها،،،

أولاً: من القرآن الكريم:

قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]، وقال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [النحل: ٣٣]، وقال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢].

وجه الدلالة من الآية:

روي عن الإمام أحمد أنه فسَّر مجيء الرب في قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ قال: أَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ (١). كما قال النَّبيُّ من حديث أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» (٢).

وقد فسَّر الإمام أحمد أيضا: مجيء البقرة وآل عمران بمجيء ثوابهما (٣).

إن أصحاب هذا القول (القول الثاني) أوَّلوا نزول الرب ﷿ بنزول أمره ورحمته، وقالوا إن صفة المجيء روي عن أحمد تأويلها، فالنزول كذلك يؤَّل كالمجيء.

مناقشة:


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٦/ ٤٠٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن، وسورة البقرة (١/ ٥٥٣) (٨٠٤).
(٣) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٦/ ٤٠٤).