للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال يوسف بن عبد الهادي في ترجمته: "وكانت معهم خزانة الضيائية، فمن ثمَّ كثر سماعهم واتسعت معارفهم بذلك. . . وقلَّ جزء من أجزاء الضيائية أو من كتب الحديث إلا وعليه خطّه. . . وسمعنا قديمًا وشاهدنا من صورة الحال: قَلَّ كتاب من كتب الدنيا لا سند فيه لابن المحب" (١).

ب- دار الحديث السُّكَّرِيَّةِ:

كانت بيتًا لأحد الرؤساء العدول يقال له: شرف الدين بن السُّكَّري، فجعلها دارًا للحديث وأوقفها على العلماء وطلبة العلم من أهل الحديث توفي عام ٧٦١ هـ.

قال الذهبي: "شرف الدين ابن السكري، عدلٌ رئيسٌ مشهورٌ، وقف داره بالقصاعين لأهل العلم والحديث، وهي التي يسكنها شيخنا ابن تيمية" (٢).

وأول من تولى مشيخة هذه الدار الإمام عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، وبعد وفاته تولاها ابنه شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية.

قال ابن كثير: "الشيخ الإمام العالم شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الإمام العلامة مجد الدين عبد السلام بن عبد اللَّه بن أبي القاسم بن تيمية الحراني -والد شيخنا العلامة العلم تقي الدين ابن تيمية- مفتي الفرق، الفارق بين الفرق، كانت له فضيلة حسنة ولديه فوائد كثيرة، وكان له كرسي بجامع دمشق يتكلم عليه عن ظهر قلبه، وولي مشيخة دار الحديث السكرية بالقصَّاعين، وبها كان مسكنه، ثم درَّس ولده الشيخ تقي الدين بها بعده في السنة الآتية" (٣).

وكان هذا الدرس الذي ألقاه شيخ الإسلام ابن تيمية درسا هائلًا، عظيم النفع والفوائد، حتى إن شيخه تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية كتبه بخطه لكثرة فوائده.

قال الذهبي عن الشيخ تاج الدين الفزاري: "وكان يبالغ في تعظيم الشيخ تقي الدين ابن تيمية بحيث أنه علق بخطه درسه بالسكرية" (٤).

وقال ابن كثير: "في يوم الاثنين ثاني المحرم منها درس الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني بدار الحديث السكرية التي بالقصاعين، وحضر


(١) انظر: الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد ليوسف بن عبد الهادي (ص ١٢٠ - ١٢١).
(٢) انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٤/ ٤٧٦).
(٣) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٧/ ٥٩٢).
(٤) انظر: المعجم المختص بالمحدثين للذهبي (ص ١٦٣).