للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقص هو موضع النظر فإن اللَّه غني واجب بنفسه وقد عرف أن قيام الصفات به لا يلزم حدوثه ولا إمكانه ولا حاجته (١).

الرد على حجتهم الرابعة: يقال لمن قال ذلك: لك جوابان:

أحدهما: أن يقال: عدم الدليل المعيَّن لا يستلزم عدم المدلول المعيَّن، فهب أن ما سلكته من الدليل العقلي لا يثبت ذلك فإنه لا ينفيه، وليس لك أن تنفيه بغير دليل، لأن النافي عليه الدليل، كما على المثبت. والسمع قد دل عليه، ولم يعارض، ذلك معارض عقلي ولا سمعي، فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالمُ عن المعارِض المقاوم.

الثاني: أن يقال: يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبتَّ به تلك من العقليات، فيقال: نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة، كدلالة التخصيص على المشيئة، وإكرام الطائعين يدل على محبتهم، وعقاب الكفار يدل على بغضهم، كما قد ثبت بالشاهد والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه، والغايات المحمودة في مفعولاته ومأموراته -وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة- تدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأَوْلَى، لقوة العلة الغائية، ولهذا كان ما في القرآن من بيان ما في مخلوقاته من النعم والحكم أعظم مما في القرآن من بيان ما فيها من الدلالة على محض المشيئة (٢).

* * *


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/ ٣٥٧ - ٣٥٩).
(٢) انظر: التدمرية لابن تيمية (ص ٣٣ - ٣٥).