للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجمع علماء أهل السُّنَّة والجماعة على إثبات صفة اليدين لله تعالى، لكنهم اختلفوا في فهم الحديث "سَاعِدُ اللهِ أَشَدُّ مِن سَاعِدِكَ" (١) فبعضهم أثبت به صفة اليد، كما فعل ابن مندة في كتابه: "الرَّد على الجهمية" حيث بوَّب له بباب: ذكر خبرٍ آخر يدل على ما تقدم في معنى اليد، وذكر الحديث (٢).

ومنهم:- كابن المحب من أخذ بظاهر الحديث (كما هو مذهب أهل السُّنَّة) فأثبت صفة السَّاعد لله ﷿ كما يليق بجلاله، لأنهم أجمعوا على إثبات كل ما جاء في الكتاب والسُّنَّة الصَّحيحة، وإمرار النُّصوص كما جاءت. من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل.

* صفة السَّاق:

اختلف الصَّحابة رضوان الله عليهم في تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [سورة القلم:٤٢] لكنَّهم متفقون على إثبات صفة السَّاق لله تعالى على ما يليق بجلاله سبحانه.

قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": أنَّ جميع ما في القرآن من آيات الصِّفات فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها. وقد طالعت التَّفاسير المنقولة عن الصَّحابة وما رووه من الحديث ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصِّغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد - إلى ساعتي هذه - عن أحد من الصَّحابة أنه تأوَّل شيئًا من آيات الصِّفات أو أحاديث الصِّفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف؛ بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أنَّ ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأوِّلين مالا يحصيه إلا الله.

لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ فروي عن ابن عباس وطائفة أنَّ المراد به: الشِّدة، أنَّ الله يكشف عن الشِّدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة أخهم عدُّوها في الصِّفات، للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصَّحيحين.


(١) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١).
(٢) ابن مندة في "الرد على الجهمية" (ص ٨٠).