للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقل وبالنقل والفطرة، ولزم من صحة هذه الدعوى صحة الدعوى الثانية، وهي أن من أمكن مباينته للعالم وعلوه عليه لزمه إمكان ربوبيته وكونه إلها للعالم" (١).

[دليل الفطرة]

إن الفطر السليمة لدى جميع الخلق مُقِرةٌ بأن اللَّه تعالى فوق خلقه عال عليهم، وذلك حين توجهها بالدعاء إليه، توجهًا لا يستطيع أحد أن ينكره، حتى من انتكست فطرته وانحرفت عن طريق الحق لا يستطيع أن ينكر ذلك.

ومن هذا الباب الحكاية المشهورة عن الشيخ العارف أبي جعفر الهمداني لأبي المعالي الجويني لما أخذ يقول على المنبر: كان اللَّه ولا عرش فقال: يا أستاذ دعنا من ذكر العرش -يعني: لأن ذلك إنما جاء في السمع- أخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط "يا اللَّه" إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو لا تلتفت يمنة ولا يسرة فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟ قال: فلطم أبو المعالي على رأسه وقال: حيرني الهمداني حيرني الهمداني ونزل" (٢).

* * *


(١) انظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم باختصار (ص ٢٠٩ - ٢١٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٤/ ٤٤).