للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - باب قول النبيّ : "قامت الرَّحم فأخذت بحقوى الرَّحمن"، وذكر المنكبين والحجزة والجنب

١٠٤ - عن معاوية بن أبي مُزَرِّد (١)، عن أبي الحباب سعيد بن يسار (٢)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إنَّ اللهَ خَلَق الخلق، حَتَى إِذا فَرَغَ مِنْهُم، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْو الرَّحْمَنِ، فقال: مَهْ. فقَالَتْ: هذَا مَكان الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قال: نَعَمْ. أَما تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قالتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكَ لَكِ. ثمَّ قال رسول الله : ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)(٣) [سورة محمد: ٢٢ - ٢٤] ". رواه أحمد والبخاري ومسلم، وهو في السنة للطبراني في الجزء الثالث (٤).

وعند معاوية بن أبي مزرِّد، عن يزيد بن رومان (٥)، عن عروة، عن عائشة: "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِن الرّحمن، فَمَن وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ". رواه البخاري ومسلم (٦).


(١) سعيد بن يسار، أبو الحباب المدني، ثقة متقن [سبقت ترجمته بحديث رقم (٤٣)].
(٢) معاوية بن أبي مُزَرِّد عبد الرحمن بن يسار مولى بني هاشم المدني ليس به بأس. خ م س. التقريب (رقم الترجمة ٦٧٧٠).
(٣) فوائد من الحديث:
• قوله: "فَأَخَذَتْ بِحَقْو الرَّحْمَنِ" فيه إثبات الحقو لله سبحانه، كما يليق بجلاله.
• فيه الوعيد الشديد على قطيعة الرَّحم، وأنَّها من كبائر الذنوب، ومن الفساد في الأرض، ومن أسباب اللّعنة.
• فيه عظم شأن صلة الرّحم، وعظم جُرم القطيعة.
• قوله: "أَما تَرْضَيْنَ … " فيه دليل على أنّ الله خاطب الرَّحم بنفسه ، مما يدل على أهمية الصلة وشدّة إثم القطيعة.
• وفيه أن الله أعطاها ما أرادت. انظر: المنحة في شرح البخاري (٨/ ٩٨٤) وما بعدها، (١٠/ ٧٤٣).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: ﴿وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ (٤٨٣٠) وفي كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله (٥٩٨٧)، وفي كتاب التوحيد، ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ (٧٥٠٢)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (١٦ - ٢٥٥٤) دون لفط (فأخذت بحقو الرحمن)، وأحمد (٨٣٦٧)، وأما كتاب السنة للطبراني فهو مفقود.
(٥) يزيد بن رومان المدني أبو روح، مولى آل الزبير، ثقة، وروايته عن أبي هريرة مرسلة ع. التقريب (رقم الترجمة ٧٧١٢).
(٦) أخرجه البخاري واللفظ له، في كتاب الأدب، باب من وصل الله وصله الله (٥٩٨٩)، ومسلم بيعناه في كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (١٧ - ٢٥٥٥).