للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثالث: أشراط الساعة]

إن الإيمان بيوم القيامة أصل من أصول الإيمان الذي لا يتم إيمان العبد إلا به؛ قال تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ١٧٧]. والإيمان بأشراط الساعة وعلاماتها الصحيحة الثابتة جزء لا يتجزأ من الإيمان باليوم الآخر، إذ هي من مقدمات الإيمان به، ومن الإيمان بالغيب، وأمرها شديد لذا بيّن النبي لأمته أشراطها، وذكر ما يقع خلالها من الفتن، وحذر أمته من الوقوع فيها.

والحديث عن أشراط الساعة مهم، ولا سيما إذا ابتعد الناس عن تذكر الآخرة واشتغلوا بالدنيا وملذاتها، فإن في أشراط الساعة المحسوسة التي تظهر ويراها الناس بأعينهم كما أخبر النبي ، ما يعيد الناس إلى ربهم ويوقظهم من غفلتهم (١).

"قال العلماء - رحمهم الله تعالى -: الحكمة في تقديم الأشراط، ودلالة الناس عليها، تنبيه الناس من رقدتهم وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة، قد نظروا لأنفسهم وانقطعوا عن الدنيا، واستعدوا للساعة الموعود بها - والله أعلم -" (٢).

وتللث الأشراط علامة لانتهاء الدنيا وانقضائها، وقيام الساعة. وقد أخفى الله عن عباده وقت وقوعها، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأعراف: ١٨٧]، لكنه أعلمهم بأمارات تدل على قرب وقوعها؛ ليأتهب المسلم لها، ويستعد لقيامها.

[المطلب الأول: معنى أشراط الساعة.]

الأشراط لغة: العلامات، واحدها شرط بالتحريك (٣).


(١) انظر: أشراط الساعة لعبد الله الغفيلي (ص: ٨،٧).
(٢) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي (ص: ١٢١٧).
(٣) انظر: النهاية لابن الأثير (٢/ ٤٦٠)، ولسان العرب (٧/ ٣٢٩).