للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبهة الثانية: قولهم: أنه يترتب على القول بإثبات القدرة للعبد قصور قدرة اللَّه عن بعض المخلوقات ووجود شريك له في الخلق، واللَّه يقول: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: ٦٢] الآية. ويقول تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)[الصافات] (١).

[الرد عليهم]

يقال لهم: اعتقادكم هذا باطل فإنه لا يترتب على القول بأن تلعبد قدرة ومشيئة تحت قدرة اللَّه ومشيئته ما ذكرتم من قصور قدرة اللَّه عن بعض المخلوقات ووجود الشريك إلا إذا قيل بأن العبد مستقل بقدرته ومشيئته.

كما أن استدلالكم بهذه الآيات على هذا الاعتقاد باطل؛ فإنها لا تدل على ما زعمتموه؛ إذ أنها لا تنافي وجود قدرة للعبد تحت قدرة اللَّه يفعل بها، فتكون أعماله فعلا له مخلوقة للَّه.

[الشبهة الثالثة]

قالوا: إن اللَّه علم وأراد أزلًا وجُودَ أفعال العباد، وتعلقت قدرته بوجودها فيما لا يزال، فما وقع من أفعال العباد فهو بقضاء اللَّه وقُدرته، والعباد مجبورون عليها (٢).

[الرد عليهم]

أن تعلُّقَ علم اللَّه وإرادته بأفعال العباد لا يجعلهم مجبورين في أفعالهم؛ لأن اللَّه علم أزلًا بأفعال العباد، وبأن العبد يختارها، ليس سالبًا لاختيار العبد، وإنها محقق لاختياره، وهذا معلوم عند كافة العقلاء، كما أن تعلق قدرته ﷾ بوجودها لا يُنافي أن تكون أفعال العباد واقعة بقدرتهم وأنهم الفاعلون لها (٣).

* * *


(١) انظر: مجلة البحوث الإسلامية. الناشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض (٣٤/ ٢٣٢).
(٢) انظر: القضاء والقدر لعبد الرحمن المحمود (ص ٣٣١).
(٣) انظر: نفس المصدر لعبد الرحمن المحمود (ص ٣٥٤).