للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث التاسع: صفة الضحك (١)

يثبت أهل السُّنَّة والجماعة صفة الضحك لله تعالى كما جاءت في الأحاديث الشريفة.

وخالف ابن عبد البر وغيره فقالوا: المراد بالضحك الرحمة والرضوان والعفو والغفران (٢).

أدلة المثبتين:

هي أدلة كثيرة جدا، سأذكر بعضها،،،

- الدليل الأول: عن عبد الله بن مسعود ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً ...... فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؟ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ، أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ "، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ (٣).

- الدليل الثاني: روى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ نحوه، ولفظه: « … ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ ﵎ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ؟، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ ﵎ مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنْهُ قَالَ: ادْخُلْ الْجَنَّةَ» (٤).

- الدليل الثالث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ


(١) بوب المصنِّف لصفة الضحك، وأخرج حديثا سيأتي برقم [٨١٦].
(٢) الاستذكار، لابن عبد البر (٥/ ٩٧).
(٣) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، بَابُ آخَرِ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا (١/ ١٧٤) (١٨٧).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (١/ ١٦٣) (١٨٢).