للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني: مذهب أهل السنة والجماعة في إثبات صفة الفوقية للَّه تعالى.

أجمع سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الدين على إثبات صفة الفوقية اللَّه تعالى وعلوه على خلقه، علوًا ذاتيًا وفوقية حقيقة ذاتية على ما يليق بجلاله وعظمته، مع إحاطته تعالى بخلقه بعلمه وسمعه وبصره، وهو تعالى بائنٌ من خلقه.

واستدلوا على ذلك بأدلة ثابتة صريحة من الكتاب والسنة والإجماع والفطرة والعقل.

فأما الكتاب: فقد ورد فيه ثلاث آيات تدل على فوقية اللَّه تعالى، وهي:

١ - وقوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨)[الأنعام: ١٨].

٢ - وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾ [الأنعام: ٦١].

٣ - قوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٥٠].

وفوقية اللَّه تعالى وعلوه على خلقه لها ثلاث معان أثبتها سلف الأمة وهي:

فوقية الذات، وفوقية القدر والشأن، وفوقية القهر والغلبة.

قال ابن القيم (١) ﵀:

والفوقُ أنواعٌ ثلاثٌ كلُّها … للَّهِ ثابتةٌ بلا نُكرانِ

هذا الذي قالوا، وفوقُ القَهر والـ … ـــفوقيةُ العُليا على الأكوانِ

وأما السنة: فقد ورد فيها كثير من الأحاديث الصحيحة الثابتة، والتي أثبتت صفة الفوقية والعلو للَّه تعالى، ومنها:

١ - حديث ذكوان: أن عبد اللَّه بن عباس ﵄ قال لأم المؤمنين عائشة ﵂: "وأنزل اللَّه براءتك من فوق سبع سماوات، جاء به الروح الأمين، فأصبح ليس له مسجد من مساجد اللَّه يذكر فيه اللَّه، إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار" (٢).


(١) انظر: نونية ابن القيم (ص ٣١٥) تحقيق جمع من طلبة العلم، بإشراف بكر أبو زيد، طبع مجمع الفقه الإسلامي بجدة.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (رقم ٢٤٩٦) و في فضائل الصحابة (رقم ١٦٣٩) والبخاري مختصرا (رقم ٤٧٥٣ و ٤٧٥٤) وابن حبان في صحيحه (رقم ٧١٠٨) والحاكم في مستدركه (٤/ ٩ رقم ٦٧٢٦) وصححه ووافقه الذهبي، والطبراني في الكبير (١٠٧٨٣) وابن سعد ٨/ ٧٥، والدارمي في الرد على الجهمية (رقم ٨٤) وأبو يعلى (٢٦٤٨) وابن سعد في الطبقات (٨/ ٧٥) وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٤٥).