للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهوال القبور والقواعد الفقهية تدل على معرفة تامة بالمذهب وله طبقات الحنابلة وغير ذلك درس بحلقة الثلاثاء والمدرسة الحنبلية وكان لا يعرف شيئًا من أمور الناس ولا يتردد إلى أحد من ذوي الولايات وكان يسكن المدرسة السكرية بالقصاعين توفي ليلة الاثنين رابع رمضان سنة خمس وتسعين وسبعمائة" (١).

ثانيًا: جهود العلماء في نشر العلم:

لقد اجتهد كثير من العلماء في تلك القرون في نشر العلم والتأليف فيه، وتميزت دمشق من بين بلدان الشام بأنها منارة للعلم والعلماء، جمعت المحدثين والمقرئين والفقهاء، وهاجر إليها أثناء وقعت التتار كثير من العلماء.

قال الذهبي: "نزلها عدّةٌ من الصحابة منهم بلال الصحابيّ والمؤذن لرسول اللَّه له وغيرُه، وكثر بها العلم في زمن معاوية، ثم في زمن عبد الملك وأولاده، وما زال بها الفقهاء، والمقرئون، والمحدّثون في زمن التابعين وتابعيهم. . . وهي دار قرآنٍ وحديثٍ وفقهٍ، وتناقص العلم بها في المائة الرابعة، والخامسة، وكثر بعد ذلك، ولا سيّما في دولة نور الدين، وأيام محدّثها ابن عساكرٍ، والمقادسة النازلين بسفحها، ثم تكاثر بعد ذلك بابن تيميّة، والمزّيّ، وأصحابها، وللَّه الحمد" (٢).

ثالثًا: اعتناء الملوك والسلاطين بالعلم والعلماء:

ظهر في تلك القرون اعتناء الملوك والسلاطين بالعلم والعلماء، فبنوا الجوامع والمدارس، وأوقفوا الأوقاف عليها، وجالسوا العلماء وتعلموا منهم ورووا عنهم، ومن الأمثلة لذلك:

١ - لما استقر الإمام أبو اليُمْن الكندي بالشام أصبح ملك الشام الملك المعظم بن الملك العادل يحضر دروسه، وكذلك حضرها عدد من القادة والرؤساء.

قال الإمام ياقوت الحموي: "رأيت الملك المعظم بن الملك العادل، وهو صاحب الشام والمتملك عليها، وهو يقصد منزله راجلًا ليقرأ عليه النحو، ولا يكلّفه مشقة المجيء إلى خدمته، ورأيت على بابه من المماليك الأتراك وغيرهم ما لا يكون إلا على باب ملك" (٣).


(١) انظر: المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد لابن مفلح (٢/ ٨١ - ٨٢).
(٢) انظر: الأمصار ذوات الآثار للذهبي (ص ٢٣ - ٢٧).
(٣) انظر: معجم الأدباء لياقوت الحموي (٣/ ١٣٣٣).