للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونُسب إلى بعض السلف: أنَّ المقصود بنزول الله تعالى نزول أمره ورحمته.

روي هذا القول عن الإمام مالك، والإمام أحمد (١)، والأوزاعي (٢)، والقاضي عياض (٣).

قال ابن عبد البر: «وقد قال قوم من أهل الأثر أيضاً: إنَّه ينزل أمره، وتنزل رحمته. وَرُوِيَ ذلك عن حبيب كاتب ملك وغيره (٤).

وقال ابن فُورَك (٥): روي لنا عن الأوزاعي أنه سئل عن هذا الخبر فقال: "يفعل ما يشاء". وهذا إشارة منه إلى أن ذلك فعل يظهر منه عز ذكره" (٦).

[أدلة القول الأول]

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ (٧).

[وجه الدلالة من الحديث]

قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: رُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ فِي الْأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَالُوا: «أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ» (٨).


(١) التمهيد لابن عبد البر (٧/ ١٤٣)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٦/ ٤٠٤)، مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم (ص ٤٧٤).
(٢) شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو، كان مولده في حياة الصحابة ، توفي سنة ١٥٧ هـ. سير أعلام النبلاء (٧/ ١٠٧).
(٣) مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (ص ٢٠٥)، إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض (٣/ ١٠٩).
(٤) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، لابن عبد البر (٧/ ١٤٣).
(٥) مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ فُورَكَ الأَصْبَهَانِيّ. كَانَ أَشْعَريّاً، رَأْساً فِي فَنِّ الكَلَام، أَخَذَ عَن أَبِي الحَسَنِ البَاهِلِيّ صَاحِبِ الأَشْعَرِيّ، توفي سنة (٤٠٦ هـ). سير أعلام النبلاء (١٧/ ٢١٦).
(٦) مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (ص ٢٠٥).
(٧) أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل (٢/ ٥٣) (١١٤٥).
(٨) جامع بيان العلم (١٨٠٢) تحريم النظر في كتب الكلام، لابن قدامة (ص ٣٨) العرش للذهبي (١٧٢).