للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني: أنها الصعقة المذكورة في القرآن. وعلى هذا فتكون هذه الصعقة تُميت الأحياء، فيصيرون موتى كالذين ماتوا قبلهم، ويكون الذي أصابهم في هذه الصعقة ما صاروا به في حكم المصعوقين، إذ المراد بالصعقة، وإن كان الإماتة للأحياء فهو يتناول غير الإماتة. تم بعد هذه الصعقة يقوم من القبور من مات قديمًا وحديثًا، ونبينا أول من تنشق عنه الأرض، وتكون تلك الصعقة قد نالت ممن تقدم موته ما حصل له بها نوع من الصعق لا سيما من كان حيًا في قبره، والأنبياء أحياء في قبورهم، وقد قال طائفة في قوله: ﴿يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [سورة يس: ٥٢]. أنهم ينامون قبل القيامة نومة، فإذا جاز أن ينام الموتى جاز أن يجعل لهم نوع من الصعق فإن الصعق يتناول الغشي والإغماء والموت ونحو ذلك مما يُغيب العقل، كل هذا يسمى صعقًا، والمصعوق المغشي عليه، وموسى خَرّ صعقًا بالإغماء ولم يمت) (١).

[فصل]

قال عبد الحق الاشبيلي في كتابه العاقبة:

(وأعلم أن كل ميت مات فقد قامت قيامته، لكنها قيامة صغرى وقيامة كبرى، فالقيامة الصغرى: هي ما يقوم على كل إنسان في خاصته من خروج نفسه (٢)، وفراق أهله وانقطاع سعيه وحصوله على عمله، فإدن خيًرا فخير وإن شرًا فشر، والقيامة الكبرى: فهي التي تعم الناس وتأخذهم أخذة واحدة، والدليل على ذلك (٣): أن كل ميت يَمُوت فقد قامت قيامته قول النبي لقوم من الأعراب وقد سألوه متى الساعة؟، فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: "إدت يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم" ذكره مسلم بن الحجاج في كتابه (٤).

والقيامة الي تعم الأرض بهزة (٥) وإنما تأتيهم (٦) في يوم جُمُعَة في غير شهر معروف ولا


(١) لم أجد النص في كتب ابن تيمية المطبوعة بين يدي.
(٢) في كتاب العاقبة: (خروج روحه).
(٣) في كتاب العاقبة: (والدليل على أن .. )
(٤) انظر الحديث رقم: (٣٥٥).
(٥) في كتاب العاقبة: (بغتة).
(٦) في كتاب العاقبة: (تقوم).