للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢٩ - باب ما جاء في الصورة.]

وحكى ابن قتيبة في أول المعارف عن التوراة: "ثم قال اللَّه: "نخلقُ بشرًا بصورتنا" فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة" (١).

وحكى غيره: "لنخلق بشرًا بصورتنا على تمثالنا، وأسلطهم على سمك البحار، وطائر السماء، وكل الأنعام، وماشية الأرض، فخلق اللَّه آدم بصورته بصورة اللَّه" (٢).

حديث الصورة (٣).

رُويَ عن أبي هريرة، وعبد اللَّه بن عُمر، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد اللَّه.


= وقال الحافظ الضياء: "قيل: رواه هشام، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير الأنصاري، عن أبيه، عن النبي . قال الدارقطني: والقول ما قال هشام. واللَّه أعلم". المختارة (٧/ ٢٥٦).
(١) المعارف لابن قتيبة (ص ١١) تحقيق: ثروت عكاشة. الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة. الطبعة: الثانية ١٩٩٢ م.
(٢) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (٣/ ٤٤٠ و ٤٤٤).
(٣) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عدة أوجه في بيان معنى حديث الصورة وهي: الأول: أن قوله : (إن اللَّه خلق آدم على صورته) معناه خلق آدم على هذه الصورة التي هي الآن باقية من غير وقوع التبديل فيها، الثاني: أن المراد منه إبطال قول الدهرية الذين يقولون إن الإنسان لا يتولد إِلا بواسطة النطفة ودم الطمث فقال : (إن اللَّه خلق آدم على صورته) ابتداء من غير تقدم نطفة وعلقة ومضغة، الثالث: أن الإنسان لا يكون إِلا في مدة طويلة وزمان مديد وبواسطة الأفلاك والعناصر فقال : (إن اللَّه خلق آدم على صورته) أي من غير هذه الوسائط، الرابع: المقصود منه بيان أن هذه الصورة الإنسانية إنها حصلت بتخليق اللَّه تعالى وإيجاده لا بتخليق القوة المصورة والمولدة على ما يذكره الأطباء والفلاسفة، الخامس: قد تذكر الصورة ويراد بها الصفة يقال شرحت له صورة هذه الواقعة وذكرت له صورة هذه المسألة والمراد من الصورة في كل هذه المواضع الصفة، فقوله: (إن اللَّه خلق آدم على صورته) أي على جملة صفاته وأحواله وذلك لأن الإنسان حين يحدث يكون في غاية الجهل والعجز ثم لا يزال يزداد علمه وقدرته إلى أن يصل إلى حد الكمال فبين النبي ، أن آدم خُلق من أول الأمر كاملًا تامًّا في علمه وقدرته وقوله: (خلق اللَّه آدم على صورته) معناه: أنه خلقه في أول الأمر على صفته التي كانت حاصلة له في آخر الأمر، وأيضًا فلا يبعد أن يدخل في لفظ الصورة كونه سعيدًا أو شقيًّا كما قال : (السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه) فقوله : (إن اللَّه خلق آدم على صورته) أي على جميع صفاته من كونه سعيدًا أو عارفًا أو تائبًا أو مقبولًا من عند اللَّه تعالى، والراجح أن الضمير في قوله: (على صورته) عائدٌ إلى اللَّه تعالى، ولم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى اللَّه فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك وهو أيضًا مذكور فيما عند أهل الكتابين من الكتب. انظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (٦/ ٣٦٤، ٣٧٣) باختصار وتصرف.