للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ريب أنَّ ظاهر القرآن لا يدل على أنَ هذه من الصِّفات فإنَّه قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنَّه من الصِّفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل إنما التَّأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف" ا. هـ (١).

وقال في "بيان تلبيس الجهمية": "والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصَّحيح المفسِّر للقرآن وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرَّج في الصَّحيحين الذي قال فيه: "فيكشف الرَّب عن ساقه" (٢).

وقد يقال: إن ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السُّجود والسُّجود لا يصلح إلا لله، فعلم أنَّه هو الكاشف عن ساقه وأيضًا فحَمْل ذلك على الشِّدة لا يصحّ لأنَّ المستعمل في الشِّدة أن يقال كشف الله الشِّدة أي أزالها، كما قال: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)[سورة الزخرف: ٥٠] وقال: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ﴾ [سورة الأعراف: ١٣٥] " ا. هـ (٣).

* الصَّدر:

ذكر المصنِّف في هذه الصِّفة أثر عن عبد الله بن عمرو، فقال ما نصُّه: "عن عروة بن الزبير أنَّه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص: أَيُّ الخلْقِ أَعْظَمُ؟ قالى: الْمَلَائِكَة. قال مِنْ مَاذَا خُلِقَت؟ قال: مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ. قال: فَبَسَطَ الذِرَاعَيْنِ، فقال: كُوني أَلْفَيْ أَلْفَيْنِ" (٤) ا. هـ.

وفي حديث آخر، قال: "خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ" (٥). وغيرها من الأحاديث التي ذكرها ابن المحب في هذه الصِّفة.


(١) ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٦/ ٢٩٤) وما بعدها. وانظر: بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٤٧٢) وما بعدها.
(٢) سيأتي تخريجه بنحوه في قسم التحقيق رقم (٣٦).
(٣) ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" (٥/ ٤٧٣).
(٤) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق حديث رقم (٩).
(٥) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق حديث رقم (١٣).