للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن القيم: "أجمع أهل اللسان على أن اللقاء متي نسب إلى الحي السليم من العمى والمانع اقتضى المعاينة والرؤية ولا ينتقض هذا بقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾ [التوبة: ٧٧] فقد دلت الأحاديث الصحيحة الصريحة على أن المنافقين يرونه تعالى في عرصات القيامة بل والكفار أيضًا كما في الصحيحين من حديث التجلي يوم القيامة" (١).

قال أبو العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب: في قوله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤]. "أجمع أهل اللغة أن اللقاء هاهنا لا يكون إِلا معاينة ونظرا بالأبصار" (٢).

[أدلة السنة]

بينا فيما سبق أن السنة النبوية تواترت عن عشرين صحابيًا بإثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، والتي أثبتت رؤية اللَّه ﷿ في الآخرة، ومنها:

١ - حديث عمار بن ياسر حين سمع النبي يدعو بهذا الدعاء: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين" (٣).

٢ - عن أبي هريرة أن أناسا قالوا: يا رسول اللَّه هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول اللَّه : "هل تضارون في القمر ليلة البدر؟ " قالوا: لا. قال: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ " قالوا: لا. قال: "فإنكم ترون ربكم يوم القيامة كذلك. . . " (٤).


(١) انظر: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم (١/ ٦٠٨).
(٢) انظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (٧/ ٦٢).
(٣) أخرجه النسائي (رقم ١٣٠٥) وابن حبان (رقم ١٩٧١) والطبراني في كتاب الدعاء (رقم ٦٢٤) وابن أبي عاصم في السنة (رقم ٤٢٥) وابن خزيمة في كتاب التوحيد (١/ ٢٩) والدارمي في الرد على الجهمية (رقم ١٨٨) وتمام الرازي في فوائده (٢/ ١٤٧ رقم ١٣٨٧) والدارقطني في كتاب رؤية اللَّه (رقم ١٥٨) والحاكم في المستدرك (رقم ١٩٢٣) وصححه، ووافقه الذهبي، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٥٤٠ رقم ٨٤٥) والبيهيقي في الأسماء والصفات (رقم ٢٢٧).
(٤) أخرجه البخاري (رقم ٦٥٧٣) ومسلم (رقم ٢٩٩) وغيرهما.