للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي الشافعي، والشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية، والشيخ زين الدين ابن المرحل، وزين الدين بن المنجا الحنبلي، وكان درسًا هائلًا حافلًا، وقد كتبه الشيخ تاج الدين الفزاري بخطه لكثرة فوائده، وكثرة ما استحسنه الحاضرون، وقد أطنب الحاضرون في شكره على حداثة سنه وصغره، فإنه كان عمره إذ ذاك عشرين سنة وسنتين" (١).

[ج - دار الحديث الأشرفية الجوانية]

بناها الملك الأشرف أبو الفتح مظفَّر الدين موسى بن الملك العادل محمد الأيوبي، حيث أُسست بدمشق سنة ٦٢٨ هـ (٢)، وتم افتتاحها سنة ٦٣٠ هـ ليلة النصف من شعبان من تلك السنة، وقُرئ بها أولًا صحيح البخاري. قال الذهبي في أحداث سنة ٦٣٠ هـ: "وفيها فراغُ دار الحديث الأشرفية، وفتحت ليلة نصف شعبان، وقرئ بها "البخاري" على ابن الزبيدي (٣)، وسمعه خلائق" (٤).

وكان شرطُ واقِفها فيمن يتولى مشيختها: أن يكون على مذهب الشافعي وأن تجتمع فيه الرواية والثاني الدراية، فإذا انفرد اثنان أحدهما مختص بالرواية والآخر بالدراية قُدِّمَ من اختص بالرواية (٥).

وهناك عدد من العلماء الكبار الذين تولوا مشيخة هذه الدار، وألفوا مؤلفات قيمة قُرئت فيها على مدى الأيام، واشتهرت بين الأنام، ومنهم:

[١ - الشيخ تقي الدين بن الصلاح الكردي الشهرزوري الشافعي المتوفى سنة ٦٤٣ هـ]

وهو أول من تولى التدريس بها. قال ابن خلكان: "ولما بنى الملك الأشرف بن الملك العادل بن أيوب رحمه اللَّه تعالى دار الحديث بدمشق فوض تدريسها إليه" (٦).


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٧/ ٥٩٣).
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦/ ٣٧٢).
(٣) الشيخ الإمام الفقيه الكبير مسند الشام، سراج الدين، أبو عبد اللَّه الحسين بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم الربعي الزبيدي الأصل البغدادي البابصري الحنبلي، ولد سنة ٥٤٥ هـ وروى ببغداد، ودمشق، وحلب. وكان إماما دينا، خيرا، متواضعا، صادقا فرح الأشرف صاحب دمشق بقدومه، وأخذه إلى عنده في أثناء رمضان من العام، وسمع منه "الصحيح" في أيام معدودة، وأنزله إلى دار الحديث، وقد فتحت من نحو شهر، فحشد الناس وازدحموا، وسمعوا الكتاب، ثم أخذه أهل الجبل، وسمعوا منه الكتاب ومسند الشافعي، واشتهر اسمه، ورد إلى بلده، فقدم متعللا، وتوفي سنة ٦٣١ هـ. انظر: المصدر السابق (٢٢/ ٣٥٩).
(٤) انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (١٣/ ٦٦٠).
(٥) انظر: أعيان العصر وأعوان النصر للصفدي (٥/ ٦٤٨ - ٦٥٠) وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٣/ ٧٥).
(٦) انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ٢٤٤).