للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ج- التحالف مع الصليبيين]

كان من نتيجة الصراع والتنافس على السلطة، أن تحالف بعض ولاة المسلمين مع الصليبيين ضد المسلمين، بل بلغ ببعضهم الحال أن حَرَّضَ الصليبيين على محاصرة المسلمين وقتالهم والاستيلاء على بلادهم، ومن الأمثلة على ذلك:

١ - في سنة ٤٩١ هـ عصى عمر والي عزاز (١) على الملك رضوان، فخرج عسكر حلب وحصره، فاستنجد بالفرنج، فوصل صنجيل (٢) بعسكر كبير، فعاد عسكر حلب، فنَهب صنجيل ما قدر عليه وعاد إلى أنطاكية، وأَخذ ابن عمر رهينة فمات عنده، فوقع الملك رضوان على عمر إلى أن أخذه من تل هَرَّاق (٣)، فسلم إليه عِزاز وأقام عنده بحلب مدة، ثم قتله (٤).

٢ - في سنة ٥١٨ هـ تعاون بعض حكام المسلمين مع الصليبيين لاحتلال حلب.

فقد "اجتمع على باب حلب ثلاثة ألوية: لواء الملك ابراهيم بن رضوان، ولواء الأمير دُبيس بن صدقه، ولواء الملك بغدوين (٥)، وكان الجوسلين ودبيس قد برزا من تل باشر، وقصدوا ناحية الوادي، وأفسدا كل ما فيه ما قيمته مائة ألف دينار. . . ونزل الفرنج غربي البلد، وغربي قويق (٦) ومعهم علي بن سالم بن مالك، وصاحب بالس (٧) أخو بدر الدولة فقطعوا الشجر، وأخربوا المشاهد الظاهرة، وكان عدد الخيام ثلاثمائة خيمة،


(١) بليدة فيها قلعة ولها رستاق شمالي حلب بينهما يوم. انظر: معجم البلدان لياقوت (٤/ ١١٨).
(٢) الطاغية صَنْجيل الّذي حاصر طرابلس، وبنى بقربها قلعة وكان من شياطين الفرنج ورؤوسهم، ووصل إلى الشام ليحج القدس، فأخذ بأرض صيدا وذهبت حينئذٍ عينه، ودار في بلاد الشام بزيّ التُّجّار؛ فلمّا تُوُفّي السلطان ملكشاه واختلفت الكلمة دخل إلى بلاده، وجمع الفرنج للحج، وقدم أنطاكيّة، وحارب المسلمين مرّات، وتمكّن، ثمّ شنّ الغارة من حصنه، فبرز لَهُ ابن عمّار من طرابُلُس، وكبس الحصن بغتة، فقتل من فيه، ورمي النيران في جوانبه، ورجع صَنْجيل، فدخل الحصن، فانخسف به سقف، ثم مرض وغُلِب، فصالح صاحب طرابُلُس، ثمّ مات في سنة ٤٩٨ هـ. انظر: التاريخ للذهبي (١٠/ ٦٨٩).
(٣) من حصون حلب الغربية. معجم البلدان لياقوت (٢/ ٤٥).
(٤) انظر: زبدة الحلب في تاريخ حلب لابن العديم (ص ٢٤٣ - ٢٤٤).
(٥) بغدوين الرويس ملك الافرنج صاحب بيت المقدس بعكا في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر رمضان منها وكان شيخًا قد عركه الزمان بحوادثه وعانى الشدائد من نوائبه وكوارثه ووقع في أيدي المسلمين عدة دفعات أسيرا في محارباته، ومصافاته وهو يتخلص منهم بحيله المشهورة وخدعه المخبورة ولم يخلف بعده فيهم صاحب رأي صائب ولا تدبير صالح. هلك سنة ٥١٦ هـ. انظر: تاريخ دمشق لابن القلانسي (ص ٣٦٩ - ٢٧٠).
(٦) نهر مدينة حلب. انظر: معجم البلدان لياقوت (٤/ ٤١٧).
(٧) بلدة بالشام بين حلب والرّقة. المصدر السابق (١/ ٣٢٨).