للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رب شخص يكون انقياده إلى ظواهر الكتاب والسنة واتفاق الأمة اتم من انقياده إلى المسالك العقلية والطرق اليقينية خشونة معركها وقصوره عن مدركها" (١).

[الرد على الدليل العقلي الثاني]

١ - أن قولهم: "بأن الرؤية هي زيادة علم وكشف". هو نفس قول المعتزلة المنكرين للرؤية، فلا فرق بينهم في ذلك.

قال ابن تيمية: "أئمة أصحاب الأشعري المتأخرين لما تأملوا ذلك عادوا في الرؤية إلى قول المعتزلة أو قريب منه وفسروها بزيادة العلم كما يفسرها بذلك الجهمية والمعتزلة وغيرهم وهذا في الحقيقة تعطيل للرؤية الثابتة بالنصوص والإجماع والمعلوم جوازها بدلائل المعقول بل المعلوم بدلائل العقول امتناع وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن تعلقها به" (٢).

وقال أيضًا: "نفاة الرؤية من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة يتأولون النصوص فيها تارة برؤية أفعال اللَّه، وتارة برؤية القلب الذي هو زيادة العلم" (٣).

وقد اعترف بهذا كبار حذاق المتكلمين الأشعرية، وأن قولهم هو نفس قول المعتزلة.

قال ابن تيمية: "وهذا صار حذاقهم إلى إنكار الرؤية وقالوا: قولنا هو قول المعتزلة في الباطن؛ فإنهم فسروا الرؤية بزيادة انكشاف ونحو ذلك مما لا ننازع فيه المعتزلة" (٤).

وقال أيضًا: "فلهذا صار الحذاق من متأخري الأشعرية على نفي الرؤية وموافقة المعتزلة، فإذا أطلقوها موافقة لأهل السنة فسروها بما تفسرها به المعتزلة، وقالوا: النزاع بيننا وبين المعتزلة لفظي" (٥).

٢ - أن تحريفكم لمعنى الرؤية بالكشف وزيادة العلم قول مبتدع لم يقله أحد من سلف الأمة وأئمتها، وهو خلاف ما نُقل عن الصادق المصدوق حينما أخبرنا عن رؤية اللَّه تعالى فقال: "إنكم سترون ربكم عيانا" (٦).


(١) انظر: نفس المصدر (ص ١٥٤).
(٢) انظر: بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (٢/ ٤٣٤ - ٤٣٥) باختصار.
(٣) انظر: جامع المسائل لابن تيمية (٥/ ٧٣).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٦/ ٨٥).
(٥) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (١/ ٢٥٠).
(٦) أخرجه البخاري (رقم ٧٤٣٥).