للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشهرستاني: "وأما جواز الرؤية فالمسلك العقلي ما ذكرناه وقد وردت عليه تلك الإشكالات ولم تسكن النفس في جوابها كل السكون ولا تحركت الأفكار العقلية الى التفصي عنها كل الحركة" (١).

وقال الآمدي: "والواجب البداية بتقديم النظر في طرف الجواز العقلي أولًا ثم في وقوعه شرعًا ثانيًا، وقد سلك المتكلمون في ذلك ومن أهل الحق مسالك لا تقوى: المسلك الأول: وهو ما اشتهر من قولهم: الرؤية تتعلق بالموجودات المختلفة كالجواهر والأعراض. . . " ثم قال عن هذا الدليل: "ومن نظر بعين التحقيق علم أن المتعلِّق به منحرف عن سواء الطريق" (٢).

وقال أيضًا: "ولما تخيل بعض الأصحاب زيغ هذه الطريقة عن الصواب انتهج منهجا آخر فقال: إن الجواهر والأعراض متعلق الرؤية، ولا محالة أن بينهما اتفاقًا وافتراقًا. . . وهذا الإسهاب أيضًا مما لا يشفي غليلًا" (٣).

وقال أيضًا: "لو سلم أن ما وقع به الافتراق لا يصلح أن يكون مصححًا فإن المصحح لا بد وأن يكون أمرًا مشتركًا فلا بد من بيان أنه لا مشترك إِلا "الوجود" والا فمع جواز القول باشتراكها في معنى آخر غير الوجود فيجوز أن يكون هو المصحح أو داخلًا في المصحح، وعند ذلك فلا يلزم جواز تعلق الرؤية بواجب الوجود؛ لجواز أن يكون المصحح غير شامل له كما في الوجود، وذلك لا دليل عليه غير البحث والسبر وهو ما لا يرقى إلى ذروة اليقين بل لعله مما يقصر عن إفادة الظن والتخمين. . . ثم إنه لو قدر أنه لا مشترك إِلا الوجود فلا بد من بيان أن وجود واجب الوجود مجانس للوجود الذي هو متعلق الرؤية شاهدا حتى يلزم تعلق الرؤية به وذلك مما يعز ويشق جدًا" (٤).

وقال في ختام إيراده للاستشكالات والاعتراضات: "وعلى الجملة فلسنا نعتمد في هذه المسألة على غير المسلك العقلي الذي أوضحناه؛ إذ ما سواه لا يخرج عن الظواهر السمعية والاستبصارات العقلية، وهي مما يتقاصر عن إفادة القطع واليقين، فلا يُذكر إِلا على سبيل التقريب واستدراج قانع بها إلى الإعتقاد الحقيقي، إذ


(١) انظر: نهاية الإقدام للشهرستاني (ص ٣٢٩) وغاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ١٦٢).
(٢) انظر: غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص ١٤٢ - ١٤٣).
(٣) انظر: نفس المصدر (ص ١٤٤ - ١٤٥).
(٤) انظر: نفس المصدر (ص ١٤٧).