للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواردة في هذا الشأن منها: قوله : "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ رَبِّهِمَا، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَه، وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ، ثمَّ أَهْبَطْتَ النِّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ، قَالَ آدَمُ لِمُوسَى: أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَكَلَامِهِ وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا، وَقَدْ وَجَدْتَ كتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي، قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا، قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسىَ" (١). ثم عقب عليها ببيان موقفه من هذا، فقال: "ومن ظن أن في هذا أن آدم احتج على موسى بالقدر على الذنب فقد ضل ضلالًا مبينًا؛ فإن موسى إنما لام آدم على المصيبة التي لحقت الذرية بسبب أكله من الشجرة، والعبد مأمور عند المصائب أن يرجع إلى القدر، ..... الخ" (٢).

قال ابن تيمية في توجيهه للدليل: "الصحيح: أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل. وموسى كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب، لا عند المعائب" (٣).

[المسألة الثانية: التحذير من التكذيب بالقدر، والخوض فيه، ومجانبة أهله]

أولا: أورد المصنف في باب الإيمان بالقدر جملة من الأحاديث والآثار والأقوال في وجوب الإيمان به، وأنه أحد أركان الإيمان التي لا يصح إيمان العبد إلا بها - منها: حديث جبريل ، كما امتدح المؤمنين بقدر الله الراضين بقضائه، وذكر بعض الأحاديث في التحذير من التكذيب بالقدر، فقال : "مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ أَوْ خَاصَمَ فِيهِ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا جِئْتُ بِهِ أَوْ جَحَدَ مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ" (٤).


(١) يأتي تخريجه في الحديث رقم (٧).
(٢) انظر: القسم المحقق (ص: ٩١).
(٣) شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي - تحقيق: شعيب الأرنؤوط، عبد الله التركي - (١/ ١٣٦).
(٤) يأتي تخريجه في الحديث رقم (٥٧).