للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الأثير: "وهذه المكرمة من فتح البيت المقدس لم يفعلها بعد عمر بن الخطاب غير صلاح الدين ، وكفاه ذلك فخرًا وشرفًا" (١).

لم تدم الدولة الأيوبية طويلا فلقد انتهت بعد مقتل الملك المعظم توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب عام ٦٤٨ هـ (٢)، وابتدأت دولة المماليك منذ ذلك الحين.

- دولة المماليك: ينقسم المماليك إلى قسمين:

١ - المماليك البحرية، وقد حكموا مصر والشام من عام (٦٤٨ هـ - ٧٨٤ هـ).

وسبب نشأتهم أن الملك الصالح نجم الدين أيوب اشتراهم وأحضرهم إلى مصر واتخذهم جندًا له لكي يحمونه ويدافعون عنه، وأيضًا ليتقوى بهم في أي قتال قد يطرأ ضده.

قال المقريزي: "والملك الصَّالح هو الذي أنشأ المماليك البحرية بديار مصر؛ وذلك أنه لما مر بِهِ مَا تقدم ذكره في الليلة التي زَالَ عنهُ مُلكه بتفرُّق الأكراد وغيرهم من العَسكَر عَنهُ حتى لم يثبت مَعَه سوى مماليكه رعي لَهُم ذَلِك، فَلَمَّا استولى على مملكة مصر أَكثر من شِرَاء المماليك وجعلهم مُعظم عسكره وقبض على الْأُمَرَاء الذين كَانُوا عِنْد أَبِيه وأخيه واعتقلهم وَقطع أخبازهم وَأعْطي مماليكه الإمريات فصاروا بطانته والمحيطين بدهليزه وَسَمَّاهُمْ بالبحرية لسكناه مَعَه فِي قلعة الرَّوْضَة على بَحر النّيل" (٣).

وكان لهم دورٌ عظيم في رد الغزو المغولي التتري على بلاد الشام، وكذلك رد الحملات الصليبية. وأول مَن حكم منهم هو الملك المعز عز الدين أيبك الجاشنكير الصالحي التركماني (٤). وآخرهم الملك الصالح صلاح الدين أمير حاج ابن السلطان الملك الأشرف شعبان، حيث توفي في عام ٨١٤ هـ (٥).


(١) انظر: الكامل لابن الأثير (١٠/ ٣٨).
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٧/ ٣٠٧).
(٣) انظر: السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي (١/ ٤٤١).
(٤) الملك المعز التركماني أيبك بن عبد اللَّه الصالحي الملك المعز عز الدين المعروف بالتركماني كان مملوك الملك الصالح نجم الدين أيوب اشتراه في حياة أبيه الكامل وتنقلت به الأحوال عنده ولازمه في الشرق وغيره وجعله جاشنكيره وكان عز الدين أيبك معروفا بالسداد وملازمة الصلاة ولا يشرب خمرا وعنده كرم وسعة صدر ولين جانب وهو من أوسط الأمراء فاتفقوا وسلطنوه سنة ٦٤٨ هـ، توفي مقتولًا سنة ٦٥٥ هـ. انظر: الوافي بالوفيات للصفدي (٩/ ٢٩٣ - ٢٦٥) والمختصر لأبي الفداء الأيوبي (٣/ ١٨٣).
(٥) السلطان الملك الصالح صلاح الدين أمير حاج ابن السلطان الملك الأشرف شعبان ابن الأمير الملك الأمجد حسن بن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون وهو الرابع والعشرون من ملوك الترك بالديار المصرية، تسلطن بعد وفاة أخيه سنة ٧٨٣ هـ، تسلطن مرتين وخلع مرتين، وتوفي سنة ٨١٤ هـ. انظر: النجوم الزاهرة لأبي المحاسن (١١/ ٣٨٠).