للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني: الرد على شبه الصفاتية الأشاعرة المحرفين المؤولين لصفة المحبة للَّه تعالى.

الرد عليهم في تحريفهم صفة المحبة للَّه تعالى إلى معنى الإرادة، أو إرادة الإحسان:

١ - نقول لهم: الإرادة صفة منفصلة عن المحبة، والمحبة ليست هي الإرادة وليست هي الإحسان، وما تأولتموه من المعاني يلزمكم فيما فررتم منه.

فإذا تأول المتأول المحبة والرحمة والرضى والغضب بالإرادة، قيل له: يلزمك في الإرادة ما لزمك في هذه الصفات (١).

٢ - أن المحبة والرضا أخص من الإرادة، فليست المحبة والرضا والإرادة سواء؛ واللَّه تعالى لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ولا يرضاه وإن كان داخلًا في مراده كما دخلت سائر المخلوقات لما في ذلك من الحكمة، وهو وإن كان شرًا بالنسبة إلى الفاعل فليس كل ما كان شرًا بالنسبة إلى شخص يكون عديم الحكمة بل للَّه في المخلوقات حكم قد يعلمها بعض الناس وقد لا يعلمها (٢).

٣ - أنهم حينما فسروا المحبة بالإرادة أو بإرادة الإحسان إنما فروا من صفة إلى صفة، فهلا أقروا النصوص على ما هي عليه ولم ينتهكوا حرمتها إذ كان التأويل لا يخرجهم مما فروا منه، فإن المتأول إما أن يذكر معنى ثبوتيًا، أو يتأول اللفظ بما هو عدم محض، فإن تأوله بمعنى ثبوتي كائنًا ما كان لزمه فيه نظير ما فر منه، فإن قال: أنا أثبت ذلك المعنى على وجه لا يستلزم تشبيها. قيل له: فهلا أثبت المعنى الذي تأولته على وجه لا يستلزم تشبيها.

فإن قال: ذلك أمر لا يعقل.

قيل له: فكيف عقلته في المعنى الذي أثبته؟ وأنت وسائر أهل الأرض إنما تفهم المعاني الغائبة بما تفهمها به في الشاهد، ولولا ذلك لما عقلت أنت ولا أحد شيئًا غائبًا البتة، فما أبديته في التأويل إن كان له نظير في الشاهد لزمك التشبيه، وإن لم يكن له نظير لم يمكنك تعقله البتة، وإن أولت النص بالعدم عطلته، فأنت في تأويلك بين التعطيل والتشبيه مع جنايتك على النص وانتهاك حرمته فهلا عظمت قدره وحفظت حرمته وأقررته وأمررته مع نفي التشبيه والتخلص من التعطيل؟ (٣).


(١) انظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم (ص ٣٣).
(٢) انظر: منهاج السنة لابن تيمية (١/ ١٤٦).
(٣) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (١/ ٢٣٦ - ٢٣٧).