للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان موطن الإمام ابن المحب في الصالحية بدمشق التي كانت تحت ظل الدولة المملوكية.

وسأتناول هذه الحقبة الزمنية بالحديث عن الحالة (السياسية والإجتماعية والعلمية) ومدى تأثيرها في حياة المصنِّف .

أولًا: الحالة السِّياسيَّة:

تمكن المماليك بعد سلسلة من المؤامرات التي كانوا يُحيكونها ويُدبِّرونها للسلاطين - من استلام السلطنة في مصر، وذلك بعد مقتل السلطان توران شاة (١) آخر ملوك بني أيوب سنة (٦٤٨ هـ)، وكانت بذلك بداية العهد المملوكي. وكان لدولة المماليك طوران:

الطور الأول: دولة المماليك البحرية بالقاهرة (٦٤٨ - ٧٨٤ هـ): سميت بذلك لأحد أمرين: قيل لأن السُّلطان الصَّالح نجم الدين أيوب اختار لهم جزيرة الروضة في بحر النيل مركزًا لهم، وقيل: لأنهم جُلبوا عن طريق البحر (٢).

الطور الثاني: دولة المماليك البرجية أو الجراكسية (٧٨٤ - ٩٢٢ هـ): سميت بذلك لأن السلطان المنصور قلاوون (٣) لما رغب في تكوين فرقة جديدة من المماليك يعتمد عليها، تكون سندًا لأولاده من بعده، خاصة مع منافسيه من كبار الأمراء، اشترى المماليك الجراكسة، الذين ينتمون إلى: بلاد الكرج (جورجيا) (٤)، وجعلهم في أبراج القلعة، فأطلق عليهم اسم البرجية (٥).


(١) هو: السلطان تورانشاة بن السلطان نجم الدين بن أيوب بن صلاح الدين الأيوبي، آخر ملوك بني أيوب في مصر، توفي مقتولًا على يد أمراء المماليك سنة (٦٤٨ هـ). انظر: النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (٦/ ٣٢٣).
(٢) انظر: مصر والشام في عصر المماليك والأيوبين لابن عاشور (ص ١٥٣).
(٣) هو: قلاوون السلطان الملك المنصور الصالحي، أبو المعالي وأبو الفتوح سيف الدنيا والدين، اشتري بألف دينار ولهذا يسمى بالألفي، كانت عليه سكينة ووقار، عمل نيابة السلطنة للملك العادل سلامش، وبعدها بشهرين خلعوا سلامش وبايعوا الملك المنصور، واستقل بالملك، واستعمل مماليكه على نيابة البلاد وكسر التتار، وافتتح طرابلس، وعمل بالقاهرة تُربة عظيمة، ومدرسة كبيرة، مات سنة (٦٨٩ هـ). انظر: تاريخ الإسلام (١٥/ ٦٤٠ رقم الترجمة ٥٨٤).
(٤) هي البلاد الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود. انظر: مصر والشام في عصر المماليك والأيوبين لابن عاشور (ص ٢٢٣).
(٥) انظر: مصر والشام في عصر المماليك والأيوبين لابن عاشور (ص ٢٢٣).