للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد عاش المماليك البحرية كطائفة منفصلة عمن حولهم فقد بنى لهم الملك الصالح نجم الدين أيوب المعسكرات في جزيرة الروضة، وسماهم بالمماليك البحرية الصالحية، ولم يختلطوا - بالسكان المحليين من مسلمين، ونصارى، ولم يتزاوجوا معهم إلا فيما ندر (١).

وكانوا يتعلمون: القرآن الكريم، والفقه الإسلامي، وملازمة الصلوات والأذكار، فإذا وصلوا إلى سن البلوغ تعلموا فنون الحرب والقتال (٢).

ولم يكن عهد المماليك بأفضل حال من سابقه - عهد الأيوبين -؛ ذلك أنّ هذا العهد كان يواجهه عدد من المخاطر على الساحة الخارجية، فالخطر الصليبي مازال يهدد العالم الإسلامي، وذلك لوجود بعض القلاع والإمارات الصليبية على سواحل بلاد الشام، مما استدعى المماليك أن يأخذوا على عاتقهم عبء استرجاع وتحرير ما تبقى من هذه الإمارات استمرارًا لجهود السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى سنة (٥٨٩ هـ) إثر هزيمته للصليبيين في موقعة حطين سنة (٥٨٣ هـ).

بالإضافة إلى الخطر الصليبي كان قد ظهر على الساحة خطر لا يقل خطورة من الخطر الصليبي، ألا وهو غزو المغول لبلاد الإسلام، إذ بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية على يد هولاكو (٣) عام (٦٥٦ هـ)، وزحْف المغول إلى بلاد الشام واحتلالهم لدمشق عام (٦٥٨ هـ)، ومن ثم محاولة الزحف باتجاه مصر، حيث كان المماليك قد تنبَّهوا لذلك، وخرجوا بجيوشهم لملاقاة المغول في موقعة عين جالوت سنة (٦٥٨ هـ) بقيادة السلطان المملوكي المظفر قطز (٤) ، حيث حقق الله تعالى النَّصر - على يديه،


(١) انظر: المماليك البحرية وقضائهم على الصليبين في الشام لشفيق جاسر أحمد (ص ١١٤).
(٢) انظر: المماليك البحرية وقضائهم على الصليبين في الشام لشفيق جاسر أحمد (ص ١١١ - ١١٤).
(٣) هو: هولاكو بن تولي قان، ملك التتار ومقدَّمهم، كان من أعظم ملوك التتر، وكان شجاعًا حازمًا مدبرًا، ذا همة عالية، وخبرة بالحروب، هلك سنة (٦٦٣ وقيل ٦٦٤ هـ). انظر: تاريخ الإسلام (١٥/ ١٠٥ رقم الترجمة ١٤٧).
(٤) هو: سيف الدين قطز بن عبد الله المُعزّي، كان أكبر مماليك الملك المعز أيبك التركماتي. وكان بطلًا شجاعًا مقدامًا، حازمًا حسن التدبير، صاحب موقعة عين جالوت، وله اليد البيضاء في جهاد التتار، قتل سنة (٦٥٨ هـ). انظر: تاريخ الإسلام (١٤/ ٨٨٧ رقم الترجمة ٤٥٦).