للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر المصنف جملة من الأحاديت والأقوال التي تثبت رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة في باب رؤية الله في الآخرة منها:

عن جرير بن عبد الله ، قال: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ، إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً البَدْرَ فَقَالَ: "أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكمْ ﷿، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا، لا تُضَامُّونَ وَلَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها فَافْعَلُوا" ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠] (١).

عن الحسن فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣] قَالَ: "النَّاضِرَةُ: الحسَنَة، حَسَّنَهَا وَاللهُ بِالنَّظَرِ إِلَى رَبِّها، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَنْضُرَ وَهِيَ تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا" (٢).

ومنها قول ابن تيمية: "آيات الرؤية في القرآن نحو عشرة، وهي ظاهرة ومستنبطة، صح النقل عن النبي ، وللصحابة التفسير، أحدها: قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] بالنقل والاستنباط .... " (٣).

* المطلب الرابع: أقسام المسلمين في رؤية الله على ثلاثة أقوال:

" القول الأول: الصحابة والتابعون وأئمة المسلمين على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار عيانًا، وأن أحدًا لا يراه في الدنيا بعينه، لكن يرى في المنام ويحصل للقلوب في المكاشفات (٤) والمشاهدات ما يناسب حالها، ومن الناس من تقوى مشاهدة قلبه حتى يظن أنه رأى ذلك بعينه وهو غالط، ومشاهدات القلوب تحصل بحسب إيمان العبد ومعرفته في صورة مثالية.

القول الثاني: قول نفاة الجهمية (٥) أنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.

القول الثالث: قول من يزعم أنه يرى في الدنيا والآخرة.

وحلولية الجهمية (٦) يجمعون بين النفي والإثبات فيقولون أنه لا يرى في الدنيا ولا في


(١) يأتي تخريجه في الحديث رقم (٤٦٤).
(٢) يأتي تخريجه في الحديث رقم (٤٨٤).
(٣) انظر: القسم المحقق (ص: ٤٢٥).
(٤) كشف الشيء رفع عنه ما يواريه ويغطيه، ويقال: كشف الأمر وعنه أظهره. انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧٨٨).
(٥) أي نفاة الأسماء والصفات.
(٦) هم الذين قالوا: إنّ الله في كل مكان بذاته.