للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الإمام مالك عندما سُئِل عن كيفية استواء الله على عرشه: قال: "الاسْتواء مَعْلوم، والكيف مجْهول، والإيمان به واجب، والسُّؤال عنْه بِدْعَة".

وقد سلك ابن المحب منهج السَّلف في إثبات هذه الصِّفات، حيث ذكر بعضًا من هذه الصِّفات الخبرية مسهبًا في الاستدلال عليها من الكتاب - إن وجد - أو من السُّنَّة الصحيحة، ويذكر أحاديث ليست بصحيحة بل ضعيفة أو موضوعة مع الحكم عليها أحيانًا.

المطلب الأول: صفات الذَّات الخبرية:

* البَاع:

ذكر المصنِّف في هذه الصفة حديثين: أحدهما: عن عمر قال: قال رسول الله: "سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُدخِلَ الجَنَّة مِنْ أُمَّتي بغَيرِ حِسَاب، فَأَعْطَاني سَبْعينَ ألفًا، فقال عمر: ألا اسْتَزدَّته؟ فقال: قد استزدَّته فزَادَنِي سَبْعينَ أَلْفًا ثَلاثَ مَرَّات، فزَادَني هكذا فاسْتَزَدُته، فزادني هَكَذا يعْني بَاعَيه وضمَّها إليْه" (١). وهذا الحديث لم أجد فيما رجعت إليه من كتب السُّنَّة من رواه.

والآخر: رواه عبد الله بن أحمد في "السُّنَّة": عن خالد بن معدان (٢) أنَّه قال: "إِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَتَضْرِب عَلَى مِقْدَارِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَالْخَرِيفُ بَاع اللهِ ﷿" (٣). قلت: إسناده ضعيف بأم عبد الله.

فالصِّفة غير ثابتة لله ﷿، لعدم ورودها في الكتاب أو السُّنَّة الصَحيحة. والله أعلم.

* الجَنب:

بوَّب ابن المحب باب قول النَّبيِّ : "قامت الرَّحم فأخذت بحقوى الرَّحمن" (٤)، وذكر المنْكِبَين والحجزة والجنب. ولم يذكر لصفة الجَنب أي حديث أو أثر.

وقد جعل بعضهم (الجنب) صفة من صفات الله الذَّاتية، وهذا خطأ. والسَّلف على خلاف ذلك (٥).


(١) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١٠).
(٢) خالد بن صعدان الكلاعي الحمصي، أبو عبد الله، ثقة عابد، يرسل كثيرًا ع. التقريب (رقم الترجمة ١٦٧٨).
(٣) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١١).
(٤) سيأتي تخريجه في قسم التحقيق رقم (١٠٤).
(٥) علوي السقاف في "صفات الله ﷿ في الكتاب والسُّنَّة" (ص ١١٣).