للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الأول: القضاء والقدر (١)

الإيمان بالقدر من أسنى المقاصد وهو قطب رحى التوحيد ونظامه، ومبدأ الدين المبين وختامه، فهو أحد أركان الإيمان، وقاعدة أساس الإحسان، التي يرجع إليها، ويدور في جميع تصاريفه عليها، فالعدل قوام الملك، والحكمة مظهر الحمد، والتوحيد متضمن لنهاية الحكمة، وكمال النعمة، فبالقدر والحكمة ظهر خلقه وشرعه المبين: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤] (٢).

كل دليل في القرآن على التوحيد، فهو دليل على القدر وخلق أفعال العباد، ولهذا كان إثبات القدر أساس التوحيد (٣). قال ابن عباس : "القدر: نظام التوحيد، فمن وحد الله تعالى وآمن بالقدر، فهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن وحد الله تعالى وكذب بالقدر، فإن تكذيبه بالقدر نقض للتوحيد" (٤).

* المطلب الأول: معنى القضاء والقدر:

القدر لغة: القضاء والحكم ومبلغ الشيء، وهو عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور (٥).

والقضاء لغة: أصله: القطع والفصل. يقال: قضى يقضي قضاء فهو قاض: إذا حكم وفصل. وقضاء الشيء: إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق.

وقال الزهري: القضاء في اللغة على وجوه، مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه (٦).


(١) بعض الكتب التي صنفها العلماء وتناولت مسألة القدر بالتفصيل: الشريعة للآجري، والإبانة الكبرى لابن بطة العكبري، وشرح أصول الاعتقاد لللالكائي، والقضاء والقدر للبيهقي، والحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة لأبي القاسم الأصبهاني، و "مجموع الفتاوى لابن تيمية الحراني - كتاب القدر -، وشفاء العليلى في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم الجوزية، وغيرهما.
(٢) انظر: شفاء العليل لابن القيم (ص: ٢).
(٣) انظر: المرجع السابق (ص: ٦٥).
(٤) رواه الآجري في الشريعة برقم (٤٥٦)، والفريابي في القدر برقم (٢٠٥)، وابن بطة في الإبانة الكبرى برقم (١٦١٨) و (١٦١٩) و (١٦٢٤)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد برقم (١٢٢٤) بنحوه.
(٥) القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: ٤٦٠)، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٤/ ٢٢).
(٦) القاموس المحيط (ص: ١٣٢٥)، والنهاية لابن الأثير (٤/ ٧٨).