للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال السخاوي: "استقل بقضاء غزة في سنة خمس وثمانمائة، وكان أول حنبلي ولي بها كما بلغني عنه، ثم استقل بقضاء غزة في سنة ثلاث، وقد حج مرارًا آخرها قريب الخمسين، وزار بيت المقدس، وابتني بجوار منزله من الصالحية مدرسة لطيفة، ورزق في ميراثه من النساء حظًا، وباشر عدة تداريس ومشيخات وغير ذلك، وعقد مجلس الوعظ في كثير من البلاد كمصر والشام، بل وحدث بهما وببيت المقدس وغيره، أخذ عنه الفضلاء والأئمة، أكثرت عنه حين لقيته بالقاهرة والصالحية، وكان خيرًا ساكنًا واعظًا، مستحضرًا لما يلائم الوعظ، مع مشاركة في الفقه ونحوه، وحرص على العبادة والتهجد، وصبر على الطلبة، وهو ممن كان لشيخنا به مزيد عناية بحيث أنزله بجواره في بعض قدماته، مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين ودفن في الروضة بسفح قاسيون عند أسلافه مع والده، وهو خاتمة أصحاب المحب الصامت بالسماع وإيانا" (١).

[٣ - الإمام المحدث المقرئ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري المتوفى سنة ٨٣٣ هـ.]

قال ابن حجر: "الإمام المقرئ شمس الدين ابن الجزري، ولد ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة ٧٥١ هـ بدمشق، وتفقه بها، ولهج بطلب الحديث والقراءات، وبرَّز في القراءات، وعَمَّر مدرسة للقراء سماها دار القرآن وأقرأ الناس، وعين لقضاء الشام مرة، وكتب توقيعه عماد الدين بن كثير ثم عرض عارض فلم يتم ذلك، وكان كثير الإحسان لأهل الحجاز، وأخذ عنه أهل تلك البلاد في القراءات وسمعوا عليه الحديث، وقد انتهت إليه رئاسة علم القراءات في المالك، وكان قديمًا صنف الحصن الحصين في الأدعية ولهج به أهل اليمن واستكثروا منه، وسمعوه علي قبل أن يدخل هو إليهم ثم دخل إليهم فأسمعهم، وحدث بالقاهرة بمسند أحمد ومسند الشافعي وبغير ذلك، وطلب بنفسه وكتب الطباق وعني بالنظم، وكانت عنايته بالقراءات أكثر، وذيل طبقات القراء للذهبي وأجاد فيه، ونظم قصيدة في قراءة الثلاثة، وجمع النشر في القراءات العشر جوده" (٢).

[٤ - الإمام الفقيه القاضي برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي الصالحي المتوفى سنة ٨٨٤ هـ.]

قال عنه ابن العماد: "الشيخ الإمام البحر الهام العلّامة القدوة الرحلة الحافظ المجتهد الأمة، شيخ الإسلام، سيّد العلماء والحكّام، ذو الدين المتين والورع واليقين، شيخ العصر وبركته، اشتغل وحصّل، ودأب، وجمع، وسُلِّم إليه القول والفعل من أرباب المذاهب كلّها، وصار مرجع الفقهاء والناس، والمعوّل عليه في


(١) انظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (٦/ ٦٧).
(٢) انظر: الدرر الكامنة لابن حجر (٣/ ٤٦٦ - ٤٦٨).