للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبواب أحاديث رؤية الله.]

١٢ - باب أنه لا يراه أحد في الدنيا (١) وقوله: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام:١٠٣]

وقوله: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ﴾ [النساء: ١٥٣]، ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)[البقرة: ٥٥] (٢)، ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٢١].

٣١٣ - عن أبي الجُوَيْرِيَة (٣)، عن ابن عباس في قوله: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء:


(١) الذي عليه أهل السنة قاطبة أن الله لم يره أحد بعينيه في الدنيا. وقد ذكر الإمام أحمد وغيره اتفاق السلف على هذا النفي، وأنهم لم يتنازعوا إلا في النبي خاصة. وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن النبي أنه قال: "واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت". وقد سأل موسى الرؤية فمنعها، فلا يكون آحاد الناس أفضل من موسى. انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية (٣/ ٣٤٩ - ٣٥٠)، ومجموعة الرسائل والمسائل له أيضًا (١/ ٩٩).
(٢) أصحاب موسى سألوه موسى رؤية الله في الدنيا إلحافًا، فقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة:٥٥] ولم يقولوا حتى نرى الله في الآخرة، ولكن الدنيا. وقد سبق من الله القول بأنه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام:١٠٣] أبصار أهل الدنيا، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم وسؤالهم ما حظره على أهل الدنيا. ولو قد سألوه رؤيته في الآخرة، كما سأل أصحاب محمد محمدًا ، لم تصبهم تلك الصاعقة، ولم يقل لهم إلا ما قال محمد لأصحابه إذ سألوه هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: نعم لا تضارون في رؤيته، فلم يعبهم الله تعالى ولا رسوله بسؤالهم عن ذلك، بل حسنه لهم، وبشرهم بشرى جميلة في كتابه، فقال عز من قائل: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢، ٢٣]، وقال للكفار: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥]. انظر: بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩).
(٣) حِطَّان بن خُفاف، أبو الجويرية، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة. خ دس. التقريب (رقم: ١٣٩٨).