للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن مفلح: "علي بن عروة المعروف ابن زكنون الشيخ العالم الصالح الورع القدوة، اعتنى بعلم الحديث والتفسير وكتب كثيرًا، ورتب مسند الإمام أحمد على الأبواب، وزاد فيه أنواعًا كثيرة من العلم، وقد نوقش في ذلك، وكان من جبله اللَّه تعالى على حب الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وكان الناس يعظمونه ويعتقدون فيه الصلاح والخير، ويتباركون به وبدعائه، وكان يعمل ميعادًا بكرة يوم الجمعة في مسجده، ويُقصد من كل ناحية، وكان منجمعًا عن الناس في منزله، ويعمل بيده ويقتات، وهو على طريق السلف الصالح، توفي يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وثمانمائة" (١).

٧ - شمس الدّين أبو عبد اللَّه محمد بن أبي بكر القيسي الدمشقي الشهير بابن ناصر الدّين المتوفي سنة ٨٤٢ هـ.

ولد في أواسط محرم سنة ٧٧٧ هـ بدمشق، وبها نشأ، وحفظ القرآن العزيز وعدة متون، وسمع الحديث في صغره من الحافظ أبي بكر بن المحبّ، وتلا بالروايات، ثم أكب على طلب الحديث، ولازم الشيوخ، وكتب الطباق. وسمع من خلائق يطول ذكرهم، مهر في الحديث، وكتب، وخرج، وعرف العالي والنازل، وخرّج لنفسه ولغيره، وصار حافظ الشام بلا منازع، واشتهر اسمه، ويعد صيته، وألّف التآليف الجليلة (٢).

قال المقريزي: "محدث الشام شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي، المعروف بابن ناصر الدين القيسي الدمشقي الشافعي، في ثامن عشرين شهر ربيع الآخر بدمشق ومولده في المحرم سنة ٧٧٧ هـ، سمع على شيخنا أبي بكر بن المحب وغيره، وطلب الحديث فصار حافظ بلاد الشام غير منازع، وصنف عدة مصنفات ولم يخلف في الشام بعده مثله" (٣).

[٨ - الشيخ الإمام المؤرخ تقي الدين المقريزي أحمد بن علي بن عبد القادر الشافعي المتوفى سنة ٨٤٥ هـ.]

ولد سنة ٧٦٦ هـ، ونشأ نشأة حسنة، على مذهب أبي حنيفة، ثم لما ترعرع وجاوز العشرين ومات أبوه سنة ست وثمانين تحول شافعيًا، وأحب إتباع الحديث فواظب على ذلك حتى كان يُتهم بمذهب ابن حزم ولكنه كان لا يُعرف به، ونظر في عدة فنون، وأولع بالتاريخ فجمع منه شيئًا كثيرًا وصنف فيه كتبًا، وكان لكثرة ولعه بالتاريخ يحفظ كثيرًا منه، وكان إمامًا بارعًا مفننًا متقنًا ضابطًا دينًا خيرًا، محبًا لأهل السنة، يميل إلى الحديث والعمل به حتى نسب إلى الظاهر، حسن الصحبة، حلو المحاضرة (٤).


(١) انظر: المقصد الأرشد لابن مفلح (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٢) انظر: شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (٩/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(٣) انظر: السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي (٧/ ٤٢٣).
(٤) انظر: إنباء الغمر لابن حجر (٤/ ١٨٧ - ١٨٨).