للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عبَّاد بن العوَّام (١): قدم علينا شريك واسطًا، فقلنا له: إنَّ عندنا قومًا ينكرون هذه الأحاديث؛ أنَّ الله ﷿ يَنْزِلُ إلى السَّماء الدنيا. فقال شريك: إنَّما جاءنا بهذه الأحاديث من جاء بالسُّنن عن رسول الله الصَّلاةِ، والصِّيَامِ، والزَّكاةِ، والحجِّ، وإنَّما عرفنا الله ﷿ بهذه الأحاديث (٢).

وقال الشَّافعيُّ: ليس في سُنَّةِ رسول الله إلاَّ اتِّباعُهَا، ولا نعترض عليه بِكَيْفٍ، ولا يَسَعُ عالماً فيما ثبت من السُّنَّة إلاَّ التَّسليمَ؛ لأنَّ الله قد فَرَضَ اتِّباعَها، وقد قال قوم: إنَّه ينزل أَمْرُهُ، وَتَنْزِلُ رَحْمَتُهُ وَنِعْمَتُهُ، وهذا ليس بشيء؛ لأنَّ أَمْرَهُ بما شاء من رحمته ونقمته، ينزل باللَّيل والنَّهار بلا تَوْقِيتِ ثُلُثِ اللَّيلِ ولا غَيْرِهِ (٣).

وخلاصة القول في المسألة: أن الأحاديث صريحة في إطلاق لفظ النزول، ولم يرد فيها لفظ (بذاته)، فمن أطلقها إنما أراد بها الرد على الجهمية والمعطلة والمفوضة، ومن لم يطلقها فقد وقف مع النصوص، مع إقراره بأن الأحاديث صريحة في ذلك.


(١) عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ المُنْذِرِ الكِلَابِيُّ، الإمام، المحدث، كَانَ مِنْ نُبَلَاءِ الرِّجَالِ فِي كُلِّ أَمْرِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. ينظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي (٨/ ٥١١).
(٢) الشريعة، الآجري (٣/ ١١٢٦)، شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٥٥٩)، الاستذكار، لابن عبد البر (٢/ ٥٣٠).
(٣) الاستذكار، لابن عبد البر (٢/ ٥٣٠).